30 أكتوبر 2025
تسجيليحلو للبعض أن يعزو ما حدث ولا يزال يحدث في عدد من الدول العربية التي تشهد سخونة في الأحداث وتواصلا للأزمات من حرب واقتتال ونشوء دويلات داخل هذه الدول واحتمالات واردة بالتشظي.. يحلو لهم أن يعزوا وزر ذلك لثورات الربيع العربي في إطار المغالطات والمماحكات أو النظرة السحطية، إلى حد اعتبارها مؤامرة مُحكمة ضد الأمة العربية. لكنّ نظرة استقصائية متعمقة للأمور تشير إلى أسباب أخرى يتحمل وزرها من تسبّب بها أو دفع باتجاهها وليس ثورات الربيع العربي.ربما يكون تواصل الربيع العربي ومواجهاته مع من يقفون في وجه تطلعاته إلى الحرية والكرامة حتى الآن قد أفرز بعض الأمور، ولكن هذا لا يعني أن الربيع هو المسؤول عنها بحال من الأحوال. ومن هذه الأمور التي يمكن رصدها على سبيل المثال لا الحصر النزوع إلى العنف والمواجهة المسلحة وازدياد دور المليشيات المسلحة على حساب الجيوش النظامية، وارتفاع وتيرة الاقتتال الداخلي، ونشوء تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتمدد دويلاته ونمو روح التطرف والغلو لدى الشباب، وتعاظم شأن النزعات الطائفية والمذهبية والقومية الشوفينية بشكل واضح على حساب التعايش والسلم المجتمعي، وانقسام المنطقة إلى محاور وأحلاف بناء على ذلك. لعل من أهم هذه الأسباب التي تقف وراء ذلك:1ـ الاستبداد والظلم والفساد الكبير والمزمن للأنظمة الحاكمة ورفضها القيام بإصلاحات جديّة حقيقية وتفهم مطالب المعارضات، ومواجهة الثورات والاحتجاجات السلمية بالقوة والرصاص الحيّ وهو ما أدى إلى: ـ التحول إلى المواجهة المسلحة مع بعض الأنظمة وظهور فصائل مقاتلة لمواجهة عدوان وعنف هذه الأنظمة، لأنها وصلت إلى قناعة مؤداها بأنّه لا يفلّ الحديد إلا الحديد. ـ انعدام الأمن والاستقرار، واضطرار الملايين من المدنيين للنزوح واللجوء.2ـ النظام الإيراني وأهدافه التوسعية ذات الطابع القومي (الفارسي) والمذهبي (الشيعي) في المنطقة، وقد اتضح ذلك من خلال: ـ التدخل السافر في الشأن العراقي بعد غزو أمريكا للعراق والمرحلة التي تلتها ودعم المليشيات الشيعية.ـ دعم الأنظمة الموالية لها، ومشاركة قوات الحرس الثوري بريّا إلى جانب مليشيات الحشد الشعبي والجيش العراقي ضد المناوئين لهم. ـ دعم النظام السوري عسكريا بالسلاح والخبراء والعناصر بما في ذلك المرتزقة ودعمه اقتصاديا بقوة أيضا. ـ تحريك ودعم المليشيات التابعة في المنطقة لها لخدمة أهدافها التوسعية، كدعم جماعة الحوثي في اليمن الذي كان يهدف للسيطرة على مقدرات اليمن بالقوة، وقبلها كحزب الله والمليشيات الطائفية العراقية للقتال إلى جانب هذا نظام الأسد. وقد أدى ذلك: ـ تزايد الانقسامات المذهبية والنعرات الطائفية والكراهية على مستوى الشعوب.ـ نشوء تنظيم الدولة "داعش" في سوريا في ظل التجييش الطائفي الإيراني وتمدده جغرافيا على مساحات واسعة .3ـ السياسات الأمريكية الخاطئة في المنطقة الجهات الثلاث هي المسؤول الأساسي عن تواصل الأزمات في المنطقة وعن الإفرازات الناتجة عنها، والقفز على الحقائق مغالطات مفضوحة.