13 سبتمبر 2025
تسجيل• نعلم أن أية كلمات لن تخترق الحزن الذي خيم على الدوحة منذ حريق "فلاجيو"، ولكن نصف حروفنا لاستقاء العبر والدروس المفيدة ولمسح شيء من الأسى ونشاطر المكلومين لانه وجع حقيقي أن يحتبس صغار في مكان حتى يلفظوا أنفاسهم ولكنها إرادة الله وما شاء قدر.. أولى هذه العبر تراصص قيادات الدولة ورموزها والمواطنين والمقيمين وهو ترسيخ لمقولة "الناس شركاء في الماء والعشب والكلأ" وفي السراء والضراء ويجب إعلاء هذا التلاحم لما فيه الخير والأمان للجميع. • قبل أسبوعين كتبت مقال "ناقوس الخطر" سلطنا فيه الضوء حول دراسة تتحدث بالأرقام والإحصاءات ان كثيراً من المؤسسات إن اخترقت بياناتها ومعلوماتها المالية يصعب استرجاعها.. وبرغم البون الشاسع بين اختراق وضياع البيانات المالية والحاسوبية والأنفس البشرية فما فقدتهم الدوحة براعم غادروا نهائياً وكانوا يسطرون أول حروف الهجاء ورسم المستقبل لأسرهم الحالمة بكل جميل مشرق.. وهذه وتلك تتشابه فقط في فرية الاهمال وما يعتبره البعض صغائر الأمور. • نعم.. إنها أشياؤنا الصغيرة.. باتت تتشكل كنقاط سوداء في جبين كثير من مؤسساتنا الناجحة وقد كنت ختمت مقالي بهمسة "ما النار إلا من مستصغر الشرر"، فمن يصدق أن فلاجيو، الذي تجري قناة مياه في وسطه ويتماوج سقفه بسحاب يتشكل وكأن زخات المطر توشك أن تنهمر يمكن أن يتحول لبقعة مشتعلة تقهر جهود الرجال وتأخذ أرواح 19 ما بين طفل ومعلمة واثنين من طواقم الإنقاذ الذين بذلوا جهوداً مقدرة ولبوا نداءات الواجب بكفاءة ورسموا الإنسانية في أسمى معانيها.. • إنه الإهمال.. وتجاوز اللوائح والأنظمة والتغاضي عن الأشياء الصغيرة.. أسلاك كهربائية مكشوفة.. مخلفات مبان.. مخارج للسلامة مجهولة المواقع.. مبانٍ لامعة تسلب الألباب لكنها متراصة لا تتيح حركة انسيابية سلسة وآمنة.. مجمعات تجارية لا تكشف عن لوحات إرشادية للمتسوقين وبلغات ولهجات متداولة.. مطاعم ومقاهٍ لا يربط بينها غير تحقيق الأرباح الطائلة.. أكشاك تجارية احتلت الممرات الآمنة للمتسوقين بالمولات التجارية. • إن غالبية المواد المستعملة في المباني الحديثة من المواد القابلة للاشتعال السريع وواجهات زجاج حابس للأوكسجين وكاتم للتنفس وتسبب الاختناق حتى ولو كان هناك احتراق بسيط.. أجهزة حاسوبية وكهربائية في أماكن العمل لا تتم صيانتها دورياً.. • قلة المسطحات الخضراء والاستزراع والتشجير لصالح المباني الخرسانية والزجاجية، حيث تلعب الخضرة دوراً ملموساً لامتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في ظل الظروف المناخية المعروفة.. • بعض المسؤولين يتجاهل أهمية العمل الميداني وتقييم المواقع التابعة لمؤسسته والارتكان الكبير على التقارير المكتبية والموسمية، التي تفتقد للمصداقية والدقة والتقدير الصحيح من القائمين عليها أو إيلائها أصلا لصغار الموظفين.. وتجاهل لما تتناوله الصحف وتكشف عنه من خروقات في بعض الأمكنة وكأن لا حياة لمن تنادي.. • ونثمن عالياً الجهود التي بذلت لإنقاذ الأرواح والوقفات الإنسانية من ولي الأمر ومباشرة اللجنة العليا برئاسة الرجل الرقم سعادة عبدالله بن حمد العطية للتحقيق حول ملابسات الحادث ونتمنى على كل مسؤول أن يضع ضمن خريطة عمله الأسبوعي جولات ميدانية للوقوف على إجراءات السلامة والأمن في مؤسسته لتتكامل الجهود.. همسة: إنه درس بليغ لحض الوازع الديني والانضباط الإداري والمتابعة الميدانية وباستمرارية.