14 سبتمبر 2025

تسجيل

ومن جديد "حلل يا دويري" 2-2

03 مايو 2024

..... نواصل الحديث حول كتاب «الأمن الوطني» لمؤلفه/ فايز الدويري تعرض هذه المراجعة أبرز ما جاء في الفصول الثلاثة، اعتماداً على الطبعة الأولى الصادرة من الكتاب عام 2013 عن دار وائل للنشر والتوزيع، وباقتباس يخدم النص (مع كامل الاحترام لحقوق النشر): ليست الوطنية سوى سمة الانتماء للوطن! فانطلاقاً من مبدأ المواطنة وروح الانتماء، يتأسس ذلك الشعور الوطني للحقوق المشتركة بين المواطنين، الذي يؤسس بدوره مرجعية جديدة تقوم على الانتماء للوطن وحده، تجبّ ما دونها من المرجعيات.. عرقية أو دينية أو مذهبية. غير أن هذه الوطنية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالموقف تجاه الوطن، لا وحسب في مواجهة خطر خارجي، بل في موقف داخلي يمكّن من مواجهته فعلياً. يوضح اللواء في الفصل الأول هذا الموقف الذي يمسّ الأمن الوطني قائلاً: "إنه يتعلق بسلامة التكوين الوطني من أجل مواجهة ذلك الخطر. بمعنى أن تدمير التكوين الاجتماعي والحراك السياسي، وبناء مجتمع هش، كلها مسائل تجعل المواجهة مع الخطر الخارجي مستحيلة، ولهذا فهي مضادة للوطنية، فالوطنية هي تحضير كافة القوى من أجل مواجهة جادة مع كل خطر خارجي". يُسهب اللواء في حديثه عن الأمن الوطني في الفصل الثاني، فبينما يحدد مستويات الأمن بين فردي وقومي ودون إقليمي وإقليمي ودولي، فإن خصائصه تنطوي على النسبية والمرونة والوضوح والشمولية. ومع منظومة المفاهيم المتباينة التي تناولت صياغة الأمن الوطني، فقد أمكنه استخلاص أربع ركائز أساسية لها، هي: "إدراك التهديدات والتحديات الداخلية والخارجية. وضع الاستراتيجيات اللازمة لتنمية قوى الدولة والانطلاق المؤمن لهذه القوى. توفير القدرة على مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية لبناء قوات مسلحة وقوى أمن داخلي قادرة على التصدي والمواجهة لهذه التهديدات. إعداد السيناريوهات واتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة التهديدات والتحديات على أن تتصاعد هذه التحضيرات تدريجياً مع تصاعد التهديدات والتحديات سواء كانت داخلية أم خارجية". وبينما يستشهد اللواء برأي الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر القائل "إذا كانت التربية هي الإعداد الصالح للحياة العامة، فالتربية الوطنية هي إعداد المواطن الصالح"، فهو يجعل من هدف التربية العام تقوية انتماء الفرد الوطني أولاً، ومن ثم توجيهه نحو الإيمان بتوجهّات وطنه وإخلاصه لها، الأمر الذي سيسهم قطعاً في توليد شعور بالسعادة والحماسة نحو الدفاع عنه بكل ما يملك، والذي يعزز في نهاية المطاف قاعدة الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي. بيد أن المؤسسات التربوية هي الأكثر قدرة على تحقيق الهدف الاستراتيجي في تطوير المجتمع وتحقيق التنمية الوطنية الشاملة والتقدم في شتى مجالات الحياة، وإعداد آليات التنشئتين الاجتماعية والسياسية بقيمها ومبادئها ووسائلها المتفقة ومصالح الدولة. لذا، يلخّص اللواء أهم الأهداف المتعلقة بالتربية الوطنية في "تنمية الشعور بالقومية العربية والإيمان بها وبأصالتها وفضلها على الحضارة الإنسانية. تنمية شعور المواطن بوطنه وتكوين عاطفة الانتماء لهذا الوطن. تنمية الشعور بحق المواطنين في الفرص المتكافئة والمساواة الاجتماعية والسياسية. تنمية الوعي الاجتماعي والشعور بأهمية عادات وتقاليد ونظم وقيم الجماعة العربية. تنمية الوعي الاقتصادي والشعور بأهمية الاقتصاد والوطن والمنتجات الوطنية والمستقبل الاقتصادي الأفضل للوطن والمواطن. تبصير المواطن بالأخطار التي تهدد وطنه وتحصينه ضد التسلط الحزبي والطائفي والإقليمي. تربية السلوك الوطني على أساس التعاون والعمل المشترك، وتحمل أعباء الآخرين، وإيثار الصالح العام، واحترام حقوق الغير وآرائهم وعواطفهم. تربية الضمير العربي الذي يوجه المواطن العربي في كل ما يؤخذ ويدع، مستهدياً بمصالح الأمه ومستقبلها". وفي ختام هذا التحليل الموضوعي لمفهوم الأمن الوطني الذي حُق له أن يؤخذ بعين الاعتبار، فيُعمم ويُدرّس، إذ "ولا يُنبئك مثل خبير"، فإنه سيحفّز لا محالة عزيمة الشباب العربي الذي عقد عليه اللواء الأمل في مقدمة كتابه.. وقد عظّم موقفه الشرفاء حين تلقّف شامخاً صيحة المجاهد في كتائب عز الدين القسام المدوية في غزة بـ "حلل يا دويري"، فحلل بقول أمضى من السيف وأثلج صدور قوم مؤمنين.. في الوقت الذي حلل فيه، فأسمع وأوجع قوما آخرين.. فلا نامت أعين الجبناء!.