11 سبتمبر 2025

تسجيل

هلّا حاكمتم الرئيس المجرّم لطفا

03 مايو 2016

لليوم العاشر على التوالي يستمر الهجوم الوحشي على مدينة حلب من قبل أسلحة جيش النظام السوري الذي يقوده مباشرة بشار الأسد وطيرانه بدعم من طيران الجيش الروسي، في أكبر وأخطر عمليات لجرائم الحرب والجرائم المعقدة ضد المدنيين في بداية هذا القرن البائس، ولم يسبق لأي جيش في العالم أن ارتكب مثل هذه الأفعال الفظيعة بحق مواطنيه وسكان مدنه وأقاليمه سوى ما فعله الأسد ونظامه الوحشي البربري، وفي ظل صمت أنظمة وقادة دول العالم الذين يلبسون أقنعة المدنية على وجوههم الزائفة، فإن المدنيين السوريين في حلب وبقية المدن التي يثأر منها النظام لا يبدو أن إبادتهم ستحرك أي شعور بالمسؤولية لدى هذا العالم المتمدن الذي احتشد يوما في باريس للبكاء على 130 فرنسيا قضوا في التفجيرات الإرهابية. إن العار الذي يطارد "المجتمع الدولي" الذي طالما كان الحائط المائل الذي صدعنا به الحكام العرب طيلة عقود مضت لحثهم للمساعدة بحل القضية الفلسطينية، يبدو أنه تحول من عار إلى موقف صريح وواضح ومتأصل في عقل ووجدان أنظمة وقادة الدول الكبرى التي ترعرع السياسيون فيها على الكيل بمكاييل عدة فيما يتعلق بأي قضية مصيرية ترتبط بالعالم العربي والمسلمين في العالم، وقد ثبت أنهم لا ينظرون إلى شعوبنا العربية سوى نظرة حماة البيئة لأنواع معينة من الحيوانات المهددة بالانقراض، بل أقل، ولو كان سكان حلب وحمص والمناطق المحاصرة فصيلة من حيوان وحيد القرن أو النمور البيضاء أو الحوت الأزرق، لكان ردة فعلهم أفضل مما هم عليه اليوم.إن الاتصاف بالإجرام ليس مسألة سهلة، فمن يرتكب جريمة لأول مرة قد يندم عليها ولا يعود لفعلها إطلاقا، أما عندما يستمر بارتكاب الشنائع طيلة خمسة أعوام خلفت نصف مليون قتيل، ولم تترك في سماء سوريا من طيور سوى القاذفات الصاروخية والمروحيات الهجومية والبراميل المتفجرة، فإن ذلك قد حوّل النظام السوري وأركانه وقادته العسكريين ووزراءه المنمقين إلى مجرمين ومضطربين نفسيين، استمرؤوا مشاهد الجثث في الشوارع والدماء الدافقة والسائلة في الشوارع، وكأنها قرابين في حفل لعبدة الشيطان المختبئ فوق جبل قاسيون، ولذلك سيكون خطره أكبر وأخطر على السلم العالمي لو بقي على قيد الحياة."الرئيس المجرم" لم تعد شتيمة، ولم تعد صفة قبيحة تطلق على رئيس دولة قبيح، حلمت أمه قبيل ولادته بالثعلب فخلقه الله شبيها بالثعلب، بل إن ذلك الجبان الذي تحول فجأة من ثعلب إلى وحش مفترس أصبح إلها يتعبد له قادة الفروع والفرق والكتائب والميليشيات التي جاء بها من كل صوب لتقتل أبناء شعبه الذي يدعي أنه يحميهم ممن يسميهم الإرهابيين، وأصبحوا باسم ذلك الإله الشيطان يرتكبون أفظع الجرائم بحق المدنيين العزل الذين لم يغادروا بيوتهم ولم يهربوا كما هرب قادته السابقين وعمه المجرم القديم رفعت الأسد الذي وقع بالدم على أكبر جريمة في مدينة حماة قبل خمسة وثلاثين عاما.إن قرار إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لم يأت عبثا، بل جاء للاقتصاص من القادة والرؤساء وقادة الحروب الذين يرتكبون جرائم الإبادة ضد المدنيين والأسرى العسكريين، لمنع قيام نظام إجرامي عالمي في مكان في هذا العالم، ولكن بعد أربعة عشر عاما من إنشاء المحكمة لا يستطيع مجلس الأمن العظيم أن يوقف المجازر في سوريا، ولا يستطيع أو لا يريد أن يوقف ذلك النظام المتوحش وقيادته عن ممارسة هواية إبادة المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، وهدم المستشفيات والمدارس ودور العبادة وحصار المواطنين وتجويعهم.أي رئيس كاذب لا يزال يمنّي نفسه بالبقاء جاثما على صدر ملايين البشر وهو يشرب من دمائهم ويأكل من لحوم أطفالهم كل يوم، ويدعي الحفاظ على وحدة وسلامة سوريا، وهو من جاء بالروس ليقتلوا شعبه وجاء قبلهم بالفرس والميليشيات ليقاتلوا معارضين سياسيين لنظام حكمه المتعفن بالفساد والقيود، وهو من فتح السجون ليطلق كل المجرمين والمضطربين نفسيا ودينيا ليذهبوا إلى الصحراء كي يقيموا مناطق حكم ويرفعوا عبثا وكذبا اسم الدولة الإسلامية، لتخفيف الضغط الإعلامي على جرائمه التي بدأت في درعا وانتقلت إلى الدولة كلها.إن تصديق مائة ألف توقيع لأشخاص يثبتون وقوع الجرائم المنصوص عليها في قانون المحكمة من قبل قوات النظام التي تأتمر بأمر الأسد شخصيا، هي كفيلة بقبول تقديم طلب المحاكمة، ولكن ألا يكفي أكثر من أربعمائة ألف قتيل وستة ملايين لاجئ كلهم من المواطنين السوريين؟ ألا يكفي كل هذه السنين وكل تلك الآلاف من أطنان القنابل والأسلحة المحرمة من أن تكون سببا وجيها لتحرك مجلس الأمن فورا لوقف عمليات التطهير المدني والطائفي والعرقي بل والسكاني الذي يمارسه نظام بشار الأسد؟ نعم يكفي ويكفي أن يحاكم النظام الإيراني والروسي أيضا وحزب الله وكل عماماتهم السياسية والعسكرية، ولكن بعد معركة حلب الأخيرة ستتكشف الحقائق عن كل الأنظمة، ولا يتكلم أحد بعد اليوم عن السلم العالمي وحقوق الشعوب البيضاء في حمايتهم من انتقام الشعوب المذبوحة تحت أي مسمى إرهابي جديد.