19 سبتمبر 2025
تسجيلعلى مدى سنوات من الاطلاع في المجلات المنتشرة، أو بعض الكتب، وحتى في بعض القنوات كبرامج اجتماعية، وفي كلها تقريباً كانوا يتطرقون إلى تحقيقات صحفية تبدأ بسؤال يدور حوله النقاش مثل: هل أنت نادم على زواجك؟ أو كيف ترى حياتك مع الشريك؟ لو عاد بك الزمن للوراء هل ستختار نفس شريك حياتك الذي تعيش معه؟ هل فكرت في الانفصال؟ وهل ترى في شريكك الحالي الصورة التي في أحلامك؟ وأسئلة كثيرة تختلف في أسلوب صياغتها، ولكنها تدور كلها حول الارتباط، والسعادة الزوجية والحياة بين الرجل والمرأة على حد سواء. ودائماً عندما أقرأ هذا النوع من التحقيقات الصحفية، أو البرامج الحوارية، أتذكر الأسطورة القديمة التي قرأتها ذات يوم منذ سنوات، وأذكر أن هذه الأسطورة القديمة منذ الأزل تقول: إن الرجل والمرأة كعملة معدنية انقسمت إلى نصفين بطريقة عشوائية غير مرتبة، بحيث لا يمكن أن يلتحم كل نصف بطريقة مستوية إلا إذا التقى النصف الأصلي الذي انقسم منه، فيتوافق معه ويكونان معا في النهاية عملة معدنية مكتملة دائرية وجميلة. ولكن أنصاف العملات المعدنية تاهت في زحمة الحياة، وانتشرت في أنحاء العالم، وأصبح على كل من الرجل والمرأة أن يبدأ رحلة شاقة، يبحث فيها عن نصفه الآخر بين ملايين البشر، وقد يحدث أن يكون النجاح حليف القلة القليلة من الناس في إيجاد ذلك النصف، وغيرهم ممن يكتشفون بعد التقائهم به بأنهم ضلوا وأن النصف الذي وقع عليه اختيارهم ليس هو ذلك النصف الآخر الحقيقي الذي يبحثون عنه، وبالطبع ليس كل انسان يستطيع أن ينجح في مهمته الصعبة في أن يجد ذلك الجزء المفقود، الموجود في مكان ما، ومنهم من قد يصادف في حياته هذا النصف الآخر، ويكاد أن يلتحم به فتلعب ظروف الحياة لعبتها في التفريق بينهما، فيضطر لأن يختار لنفسه نصفاً آخر يكمل به حياته وشكله الاجتماعي، وقد يكوّن التحام هذا النصف مع نصفه شكلاً متقارباً يكاد يكون جميلاً، وقد تكون الفجوات عند التحام النصفين كبيرة فيكونان شكلاً مشوهاً، وهذه باختصار هي قصة الحياة الزوجية، ولاشك أن التحام العملة المعدنية بشكل كامل ورائع هو ما يعني السعادة الكاملة، ولكن لاشك أن الحياة ملأى بالبيوت التي تحمل ذلك النوع من العملات المشوهة والمتقاربة، ومع ذلك نجد أنهم يعيشون الحياة كيفما كانت، بحثاً عن الاستقرار والسعادة، فقد لاحظت تذمر البعض على حياتهم الزوجية من الرجال والنساء بحثاً عن السعادة الكاملة المستحيلة، ومنهم من يهمل نصفه الذي يعيش معه ليبحث عن ذلك النصف الآخر المفقود، تاركا وراءه سعادات قد لا يلتفت إليها، فيفوت على حياته الاستقرار الذي ينشده. فهناك من هم يلغون من حياتهم أهم العناصر للاستقرار التي قد تغير الكثير في خريطة حياتهم، مهما كان نصفهم الآخر، وهو القناعة والرضا ومحاولة إيجاد أوجه السعادة الكثيرة التي قد تكون حولهم ولا يرونها بأعينهم، والإيمان بأن ما اختاره لهم القدر قد يكون أفضل كثيراً مما قد يختارونه لأنفسهم. باختصار.. ولأن الحياة لا تعطي الإنسان كل ما يريد، ومهما كان نصفك الآخر حاول أن تسعد بما أرادت أن تعطيه لك الحياة.. [email protected]