14 سبتمبر 2025
تسجيلما أعظم قيمة حياتك عند خالقها، فهو الذي سواك ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته، وسخر لك الأرض بما عليها، وكل هذا وأنت ما زلت في صلب أبيك آدم، فإذا كانت حياتك بهذه القيمة العظيمة فاعلم أن بإمكانك أن تحافظ على هذه القيمة، وأن تسعى لرفع سعرها باستمرار، وبإمكانك أيضا أن تضيعها وتبخسها حقها. هل وقفت مع نفسك وقفة محاسبة تحاسبها على حياتك الماضية، ومدى ما حققت فيها من إنجازات، كما قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ....." الحشر 18، لا بد أن يكون في ذهنك تصور واضح ومحدد لما تريد أن تحققه في مستقبل عمرك، فتنظر إلى هذه الحياة نظرة كلية، على أنها سوف تنتهي في يوم من الأيام، فينبغي إذا أن تستغل كل لحظة منها في تحقيق أكبر نفع لك ولأهلك ولأمتك، وأن تقيس تصرفاتك اليوم وغدا وبعد غد بل طوال حياتك، على أن كل جزء فيها يمثل بعضا من كل، وهذا الكل هو حياتك بأكملها، كما يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: "ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك". فإذا عرفت من الآن ماذا تريد من حياتك، فإنك تستطيع أن تميز بين ما هو مهم وما هو عديم أو قليل الأهمية بالنسبة لك على المدى الطويل، ومن ثم فإنك لن تبدد وقتك وجهدك وحياتك في أعمال مبعثرة لا رابط بينها، ولا هدف يجمعها، ثم تفاجأ بعد سنوات طويلة أنك لم تحقق شيئا مذكورا، رغم كل ما بذلته من جهد، وما أنفقته من وقت. وكثير من الناس تتلخص حياته في أنه ولد ثم نشأ في بيت والديه ودخل المدرسة فلما أنهى دراسته الثانوية قالوا له: مجموعك يدخلك الكلية الفلانية، فدخلها فلما تخرج منها، قالوا له: إن تقديرك هذا يتيح لك العمل في الوظيفة الفلانية، فتقدم إليها وحصل عليها فعلا. فلما استقر في عمله قالوا: آن لك اليوم أن تتزوج وهذه فلانة زوجة مناسبة لك، فتزوجها وأنجب منها أولادا كرر معهم نفس القصة، إلى أن رقد على فراش الموت ومات ثم دفن، وبقي أولاده ليعيشوا نفس القصة. وهذا واقع كثير من المسلمين اليوم. فالإنسان حقا هو الذي يعطي لحياته قيمة ومعنى بتحديد رسالته وأهدافه فيها، فإن الحياة معناها أن تكون لدينا رسالة نؤديها. - همسة أبناؤك نعمة كبرى فلا تجعليهم نقمة بإهمالك لهم وسوء تربيتهم والانشغال عنهم بأي شيء.