12 سبتمبر 2025

تسجيل

كُتّابُ المُستَقبل

03 أبريل 2019

نُظّمت النسخة الثالثة من برنامج (كُتاب المُستقبل) برعاية (قطر الخيرية)، بهدف اكتشاف المواهب الشابة في مجال كتابة القصة القصيرة، وهي بادرة رائدة تستحق التقدير. وكنا قد طالبنا قبل 15 عاماً بأن تتضمن مناهجُ التعليم مادة (مُبدع الغد)، وطرحناها على المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، إلا أن المقترح طواهُ النسيان. هنالك طاقات شبابية واعدة بين أبنائنا وبناتنا، والأمر يحتاج إلى اكتشاف هذه المواهب، التي قد لا يلتفت إليها الطالب، نظراً لانشغاله بالمقرر الدراسي، ولقد كان لحضور سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة، والأستاذ الدكتور إبراهيم النعيمي وكيل وزارة التعليم والتعليم العالي، الأثر المهم والمُحفّز للطلبة الفائزين في نسخة هذا العام. كما أن هذا الحضور يُشكّل روح التعاون بين مؤسسات الدولة، خصوصاً في مجالي التعليم والثقافة، والذي نعتبره تكاملياً للعملية التعليمية والثقافية. إن المواهب التي برزت خلال الخمسين عاماً الماضية، كانت ذاتية، لم يتم تنظيم برنامجها، أو تأسيسِ كيان لها، إلا أنها ثابرت، وبقيت حتى هذا اليوم قادرةً على العطاء، في فنون المعرفة كلها. لكنّ حظَّ الشباب اليوم أكثر إشراقاً بوجود هذا الاهتمام من قبل الوزارات و(قطر الخيرية)، ذلك أن أي اتجاه في مجال الثقافة، يحتاج إلى دعم المؤسسات والهيئات التي تُوفر الأرضيةَ الصالحة والغطاء القانوني والمادي لتلك المواهب. لقد اطَّلعتُ على ثلاثة من الأعمال الفائزة في عام 2018، ووجدتُ اتجاهات متنوعة من نمط تفكير الشباب، وتصويراً لظروف المجتمع، وأيضاً حالات استشراف المستقبل، كما أن النصوص التي طُبعت بدت خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية، مما نراهُ في العديد من الأعمال التي تُطبع هذه الأيام، في سعي حثيث للشهرة، دونما اعتبار للجودة، وسلامة النص. ولعلنا، في هذا المقام، نقترح على مُنظِّمي هذه المشروع (كُتاب المُستقبل) الآتي: متابعة الفائزين في النسخ الماضية، حتى نضمن استمرارية الشباب في نهجهم، وحتى نضمن الجودة، لا الكم، أو ننشغل بالنسخة التالية، دون أن نتابع مدى تطور أو مواصلة الفائزين في التأليف من النسخ الماضية. العمل الإبداعي كمٌّ تراكمي، لذا، فإن تنظيم الورش التطبيقية من الأمور المهمة لمواصلة دعم المواهب الشابة، وتعريفها بالجديد في عالم النشر. ثقافة (صناعة الكتاب) من الأمور التي يجب أن يُلمَّ بها الكُتابُ الشباب، ومن المفيد أن يتم تنظيم ندوات تتناول تجارب الكُتاب المُخضرمين مع صناعة الكتاب، والعقبات والظروف التي واجهوها، حتى يتجنبها الكُتاب الشباب. إن مشروع كُتاب المُستقبل يُساهم، بشكل غير مباشر، في دعم اللغة العربية، لأننا نُعاني – في المرحلة الجامعية – من ضعف العديد من الطلبة في الكتابة، ودوماً يميل الطلبة إلى الأسئلة الاختيارية في الامتحانات، ويرفضون الأسئلة المقالية، لذا، فإن تحفيز الطلبة، عبر المشروع المذكور، مُهم لتطوير قدرات الطلبة، عندما يصلون إلى المرحلة الجامعية. القراءة المستمرة وسيلة من وسائل الإثراء، التي توسّع مدارك الطالب، وتدعم حصيلته من المفردات، واتساع الخيال لديه، وبودنا لو وضعَ المشروعُ خطةً للفائزين، في مجال القراءة، لضمان استمرارهم في القراءة، ويمكن أن يتم ذلك عبر تلخيصهم للقصص والروايات العالمية، وأن يُشرف على ذلك متخصصون في الكتابة القصصية والروائية. إن مشروع (مبدع الغد)، الذي تمت الإشارة إليه آنفاً، يمكن أن يكون مساقاً ضمن المنهج في المرحلة الثانوية، وأن توضع له الأهدافُ، والخطط ُ التنفيذية، ويُختار له محاضرون متخصصون، ليس في اللغة العربية فحسب، بل في الكتابة الإبداعية، وأن تُحسب للمنخرطين في المشروع، درجاتٌ، ضمن الدرجة الكلية، وهذا، سوف يحفز الطلبة على الدخول إلى المشروع. بوديّ لو ساهم الإعلام، بصورة أكثر، في إلقاء الضوء على مشروع (كُتاب المُستقبل)، والتقى بالطلبة والطالبات من الذين فازوا في النسخ السابقة، كي يشرحوا أهداف المشروع، ومدى استفادتهم منه، حتى يُقدّموا المثال الواضح، للطلبة الآخرين، ولماذا لا يكون هنالك برنامج في الإذاعة والتلفزيون يحمل اسم ( الإبداع الشبابي)، بقصد التشجيع على القراءة والكتابة، وبذلك يتكامل دور التعليم ودور الثقافة مع دور الإعلام. للوالدين دورٌ مُهم في تهيئة بيئةِ القراءة والكتابة لأبنائهم وبناتهم، ولابد أن يكونا مثالاً لهولاء، فالشاب الذي يرى والديه مُمسكَين بكتاب، لا شك سوف يقتنع بأهمية الكتاب، حتى وإن كان عبر شاشة الهاتف الذكي. لأن هذا الهاتف يُشغل مساحة كبيرة من وقت الشاب والشابة، وهذا هدرٌ كبير للوقت، يمكن استغلاله في القراءة المفيدة. يُمكن لمدارس وزارة التعليم والتعليم العالي تنظيم مسابقات عامة في كتابة القصة القصيرة، أو الرواية، يُشرف عليها متخصصون، وتُخصص 3 جوائز – في كل مدرسة – للفائزين في هذه المسابقة، وهذا يصبُّ في أهداف مشروع (كُتاب المُستقبل). وبعد، فإن مشروع (كُتاب المُستقبل) مشروع رائد نشكر القائمين عليه، ونأمل أن يتضمن المشروع جلسات مع الفائزين، يتحدث فيها الكُتاب القطريون عن تجاربهم في فنون الكتابة المختلفة، لأن بعض الإنتاج الأدبي لدينا، يحتاج إلى مراجعة، كما يجب توجيه الفائزين إلى قضية (الكيف)، وأن (الكَمّ)، الذي يسود المشهد لدينا، لن يخلق مُبدعاً، وإن خَلقَ نجماً على وسائل التواصل، لأن التركيز على القراءة هو الطريق الأمثل نحو تطوير أدوات الكتابة ومعرفة مجاهلها، وإن أهم أدوات الكتابة اللغة العربية السليمة، وسعة الخيال، والإتيان بالجديد غير المطروق.