12 سبتمبر 2025

تسجيل

الغذاء والتكامل الاقتصادي

03 أبريل 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); على هامش اجتماع وزراء الزراعة الخليجيين الأسبوع الماضي، الذي ناقش موضوع الأمن الغذائي الخليجي، وقبله البيان الختامي لقمة الرياض الذي دعا الهيئة الاستشارية لدراسة دور القطاع الخاص في المشاريع الزراعية، يمكن القول إن موضوع الأمن الغذائي ليس بالمستجد على أجندة التحديات الإستراتيجية التي تواجه أمن دول المجلس، فقد ظلت هذه الدول لسنوات طويلة تعتمد على الواردات لتلبية ما بين 80 و 90% من احتياجاتها الغذائية، لكنها انتبهت بصورة حادة خلال العام 2008 وبعد بروز أزمة الغذاء العالمية إلى أهمية تكيف الجهود من أجل تحقيق الأمن الغذائي.لذلك ضاعفت دول المجلس جهودها من أجل تحقيق هذا الهدف وبذلت جهودا دخلية وخارجية من خلال زيادة الاستثمارات الزراعية وإقامة المشاريع المشتركة. كما توجهت منذ فترة غير قصيرة نحو ضخ أموال في شراء عشرات آلاف الهكتارات من المزارع وغيرها من الأصول الزراعية في الدول النامية، وخصوصاً في أفريقيا كالصومال والسودان وإثيوبيا وبعض الدول الآسيوية كالفلبين وغيرها. لكن الكثير من المحللين يحذرون أن هذه الدول وعندما يتعلق الموضوع بأمنها الغذائي الداخلي قد تضطر لاتخاذ خطوات حمائية ربما تصل لدرجة منع التصدير كما تفعل الهند حاليا بالنسبة لبعض المواد الزراعية.وتوضح الإحصائيات أن نسبة مساهمة الزراعة في إجمالي الناتج المحلي الخليجي أخذت بالتراجع عامـًا بعد آخر إذ كانت مساهمتها تبلغ 12,1% عام 2001 ثم انخفضت تدريجيا إلى نحو 5% عام 2014. كما تقدر الفجوة الغذائية بنحو 30 مليار دولار في العام نفسه.كما تشير مؤشرات إنتاج الغذاء في دول المجلس إلى أن مساحة الأراض المرزوعة لا تتجاوز الــ 1.7% في السعودية و3% في الإمارات بالمقارنة مع 18% في الولايات المتحدة و24% في بريطانيا و52% في الصين. وتستورد دول التعاون 37 مليون طن متر من الأغدية أي أربعة أضعاف إنتاجها المحلي.لقد أصبح تحقيق الأمن الغذائي الخليجي يمثل أهمية كبرى لدول مجلس التعاون الخليجي. ومن أبرز التحديات على المستوى الداخلي هي محدودية موارد القطاع الزراعي في دول المجلس من أراض زراعية ومياه وتحديات مناخية وبيئية صعبة، والتي لا تشجع على زيادة الإنتاج الزراعي، يضاف إلى ذلك قلة التمويل والاستثمار الموجه للنشاط الزراعي، ومحدودية التنسيق الخليجي والمشروعات المشتركة في المجال الزراعي، وضعف استخدام التقنيات والأساليب الحديثة في الزراعة، ومحدودية الأراضي المتاحة للزراعة، مع ضعف استثمارات اهتمام القطاع الخاص في القطاع الزراعي والتصنيع الغذائي، وعدم وجود سياسة زراعية واضحة في مقابل دعم الإحلال العمراني والاستثمار العقاري على حساب القطاع الزراعي وتنميته.وأمام استمرار محدودية الموارد الزراعية ترجح تقديرات شركة «إيه تي كيرني» ارتفاع الفجوة الغذائية لهذه الدول إلى نحو 106 مليارات دولار بنهاية السنوات الخمس المقبلة، بنسبة زيادة تفوق المرتين عن مستواها الحالي.ومن المتوقع أن يصل نصيب الفرد من الغذاء بحلول العام 2015 إلى 971,2 كــج و983 كج بحلول العام 2017، أما من جهة الاستهلاك فستستمر المملكة العربية السعودية في المقدمة بما يقرب من60% من إجمالي استهلاك المواد الغذائية في المنطقة، ومع ذلـك ونظرًا لارتفاع عدد السكان وزيادة عدد السياح فمن المتوقع أيضًا أن يتجاوز الاستهلاك الغذائي في قطر دولاً أخرى في دول مجلس التعاون ثم تأتي دولة الإمارات بعد ذلك في الترتيب فسلطنة عمان.وأيضًا تشير البيانات الصادرة عن «منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة» (الفاو) إلى أن نصيب دول الخليج من واردات الغذاء العالمية يعادل حوالي 2,1%، وهي نسبة في حقيقتها مرتفعة إذا قورنت بالعدد الإجمالي لسكان هذه الدول، الذي تتجاوز نسبته نحو 0,62% من إجمالي سكان العالم، وهو ما يعني أن كل دولار ينفقه الفرد على السلع المستوردة على مستوى العالم، يقابله إنفاق نحو 3,4 دولارات من قبل سكان دول الخليج على السلع الغذائية التي تستوردها بلادهم.للأسف، نحن في ختام هذه المقالة سوف نكرر دعوة لطالما سمعناها منذ كنا صغارا وهي أفضلية وأهمية توجه دول الخليج نحو تحقيق أمنها الغذائي عن طريق تعزيز مشاريع التكامل الاقتصادي العربي ولا سيما مع الدول العربية التي تزخر بالإمكانيات الزراعية الكبيرة مثل السودان وموريتانيا وسلطنة عمان ومصر وبلاد الشام وغيرها.. ومهما قيل عن الصعوبات والعقبات البيروقراطية واللوجستية والتشريعية وغيرها، التي تواجه الاستثمار الزراعي العربي العربي، إلا أنه باعتقادنا أن جميعها قابل للعلاج والتعاون المشترك لتذليلها تدريجيا وتحقيق انطلاقة حقيقية تحقق الغاية المزدوجة وهي تأمين الأمن الغذائي الخليجي وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي بما يعود بالنفع على الدول العربية الأقل دخلا.