13 سبتمبر 2025

تسجيل

العاهل السعودي ينفذ لقلب شعبه عبر تويتر

03 فبراير 2015

يقول المثل المصري "أقصر طريق لقلب زوجك معدته"، ولن أفصل في شرح العلاقة بين المعدة والقلب أومدى صحة مقولات الشعوب، ولكن دعونا نحلل العلاقة بين الجوع والقلب، خصوصا في ظل ثورات شعوب ضد الجوع والعوز في ربيع عربي ليس ببعيد، هذا ونحن نعلم من واقعنا العربي سلفا كيف أن بعض الحكام عدّوا شعوبهم رعايا أو ربما – وللأسف- قطعان لا يوفر لهم سوى ما يسد الرمق أو ربما لا يسمن ولا يغني من جوع حتى امتثل بعض المستبدين شعوبهم بالمثل القائل: "جوّع كلبك يتبعك، وسمن كلبك يأكلك". وغدت ليست مثلا بل دينا وديدنا وسياسة ومنهجا لدى أمثال هؤلاء الذين نفقوا باستبدادهم او بثورات عليهم. ولو قسنا مقايسس هذه المقولات عن المعدة والجوع أو الشبع وعلاقتها بالقلب أعني حب الشعوب، فبالتأكيد أن إقرار حقوق المواطنة هي أقصر طريق بين الحاكم وشعبه، ولست أتحدث عن مكرمات بل حقوق هذا حتى قبل الامتيازات المستحقة لكل مواطن في أرضه ناهيك عن المكرمات التي يجب ان توجه لأهلها ومستحقيها لا البطانات صلحت أم طال فسادها، حقوقٌ لا تكون بيد النُخب بقدر ما تتحقق فيها العدالة الاجتماعية للشعوب بما تستحقه من ضرورات الإنفاق عليها وعلى تنميتها وعلى بنية الأوطان التنموية البشرية والتحتية من مصادر وعوائد دخل بلدانها.وهذا يقودني إلى الإشارة إلى مقال كتبه الكاتب البريطاني "ديفيد هيرست"، في صحيفة "Huffington Post" الأميركية يوم الأحد 1 فيراير الجاري بعنوان "قتل العنكبوت السعودي".وفيه ذكر "هيرست" "بأن الملك سلمان استهل عهده بشراء حب الشعب، حيث بموجب القرارات الملكية الأخيرة سيحصل كل موظف من موظفي الدولة على راتب شهرين إضافيين وسيحصل كل واحد من متقاعدي القطاع العام على شهرين إضافيين من الدخل التقاعدي، وسيحصل الطلاب على منح إضافية، والمعتمدون على الضمان الاجتماعي على تمويل شهرين إضافيين، حيث تقدر فاتورة هذا الإنفاق بما يعادل 30 مليار دولار. "حيث جاءت هذه القرارات كما استطرد" بعد أسابيع قليلة فقط من مؤشرات صدرت عن الرياض بأنها قد تضطر إلى خفض الإنفاق الحكومي بسبب انهيار أسعار النفط".وكلنا يعلم من خلال متابعة البيان الملكي أن هذا جاء إضافة إلى عفوه عن سجناء، فضلا عن اعتمادات ماليه لتطوير عدد من المرافق والخدمات في المملكة، إضافة إلى دعم أنشطة رياضية وثقافية فيها.ولأن الشيء بالشيء يذكر، أود أن أضيف هنا قراءات فيما يعتبر إرهاصات مبكرة لسياسة الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، حيث إنه أثناء انعقاد قمة العشرين الأخيرة في "برزبن عاصمة ولاية كوينزلاند في استراليا" نوفمبر 2014، أصدر وقتها - وقد كان وليا للعهد- قرارا بتحويل بعثات الطلاب الذين يدرسون على حسابهم الخاص في أستراليا إلى بعثات على حساب المملكة.وكان مبتعثو ومبتعثات أستراليا من الطلاب قبلها قد عبروا عن فرحتهم العارمة بقدوم الأمير سلمان على رأس الوفد المشارك في قمة العشرين، حيث أطلقوا على توتير هاشتاق ترحيبياً به تحت عنوان:"#مرحبا_بسلمان_أمير_الوفاء_أستراليا‏".بل وعبّروا عن فرحتهم بالقرار الأميري الخاص بالبعثات آنذاك. وفيما كنت معهم عن قرب في الجامعة في أستراليا وفي وسائل التواصل، حدثتني إحدى الزميلات بأنهم ينتظرون فجر يوم جديد قد يقوم فيه الأمير سلمان مجددا بصرف مكرمة طلابية شبيهة بتلك التي صرفها سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للطلاب القطريين في لندن لتزامن الحدثين.تلك كانت الإرهاصات السعودية المبكرة التي قرأناها مباشرة وعن كثب من الشباب السعودي تجاه الأمير سلمان. ولا شك أنه بالقرارات والمبادرات التي أطلقها في بيانه تجاه شعبه قد حصل ما توقعوه ونجح في تحقيقها، كيف؟أولا من الناحية العملية: خاطب عاهل الممكلة "سلمان" شعبه بداية بالتذكير بوصية سلفه كما جاء في خطابه لشعبه بقوله: "إن وصية الملك عبدالله دائما لي هي خدمة الدين والمواطنين والبلد".ولن يشك السعوديون في خدمته للدين، وهو وريث العرش بمسمى "خادم الحرمين الشريفين"، ولكن التأكيد على خدمة المواطنين هنا إنما هي خاصية عملية بلورها في القرارات التي أسبغها على شعبه من حقوق المواطنة أو المكرمات آنفة الذكر، خصوصا في ظل الشظف والحرمان في الراتب الأساسي الذي يعاني منه الموظف السعودي، والذي يعتبر ضعيفا مقارنة بعوائد الوطن وثرواته ودخله، ومقارنة بواقع الموظف في غيرها من الدول التي تماثلها أو ربما تزيد عنها المملكة في العوائد. وهنا يتوقع الشعب السعودي زيادة الرواتب والأجور في عهد الملك "سلمان" بما يتناسب والمهن وكفاءة وخبرات واستحقاقات الشعب السعودي ومعطيات البلد الاقتصادية والانتاجية الآنفة الذكر.ثانيا من الناحية الإعلامية : لقد خاطب عاهل الممكلة "سلمان" – وهو ابن الثمانين عاما – شعبه الشابّ بأدواته ولغته، برسالة تاريخية غير مسبوقة من نوعها، وهي رسالته عبر حسابه الخاص الموثق على أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شعبية في المملكة ألا وهو موقع "تويتر" بقوله: "أيها الشعب الكريم: تستحقون أكثر، ومهما فعلت لن أوفيكم حقكم، أسال الله أن يعينني وإياكم على خدمة الدين والوطن، ولا تنسوني من دعائكم".وقد تفاعل معها السعوديون وأعيد نشرها مئات آلاف المرات يومها، حيث إن تويتر أداتهم دون غيرهم، إذ تشكل فيه المملكة العربية السعودية النسبة الأعلى في المستخدمين على مستوى دول العالم، فتشير إحصائية دولية لـ (BI Intelligence :2013 ) إلى أن المملكة العربية السعودية تأتي في الموقع الأول تليها الدول المليوينية سكانيا مثل اندونيسيا، ثم الفلبين.كما تشكل المملكة النسبة الأعلى أيضا عربيا بواقع 2.4 مليون مستخدم، والتي تشكل بمفردها 40% من جملة الناشطين العرب والبالغ عددهم حتى مارس 2014 (5,797,500) مستخدمٍ وفقا لتقرير الإعلام الاجتماعي العربي لعام 2014 الصادر عن كلية دبي للإدارة الحكومية. وهذه التغريدة الملكية الثمانينية على تويتر تعد حَصافة في كيفية الوصول إلى فئة الشباب، والتي تمثل النسبة الأعلى من السكان بواقع 60% خليجيا و 70% عربيا.لقد وضح من إرهاصات ما سلف ذكره أنه وفي غضون أيام قلائل قد عبّد الملك الطريق السعودي بدءا من البنية التحتية أي "القاعدة الوطنية بشقيّها، ولكنه بدأ بالشعبية قبل التنموية"، والتي أكدّها قوله "خدمة الشعب والوطن" بعطف الوطن على الشعب وليس العكس ، وجسدها بقرارات سياسية بل وبمجاراة شعبه بأدواته الجديدة، حتى جاز أن يطلق على الرسالة أنها جاءت من ملك يبلغ "الثمانين ربيعا" بدلا من معناها المعهود عند العرب كما جاء:إن الثـــــــــــــمانين وبُلّــــغْتُـــــها...... قد أحوجت سمعي إلى ترجمانِ الأيام ستوضح القادم الجديد في السياسة الدولية السعودية مما بدت أيضا قراءاته المختلفة وإرهاصاته على المستوى الإقليمي والدولي.