17 سبتمبر 2025
تسجيلشكرا للمجلس الأعلى للتعليم الذي أعاد للغة العربية اعتبارها ومكانتها بجعلها لغة التعليم في جامعة قطر، وأدرك أن الانتماء والهوية الوطنية في قطر كادت أن تضيع تحت مبررات غير منطقية، منها الاعتراف الأكاديمي أي اعتراف الجامعات الأجنبية بمؤهلات خريجي جامعة قطر، ومنها حاجة السوق وغير ذلك من المبررات. أريد أن أتوقف عند كلمة الاعتراف الأكاديمي لأبين أن مؤسسات الاعتراف الأكاديمي الأجنبية (أمريكية، بريطانية) هي شركات تعمل من أجل الربح وكما أعلم فإن أمهات الجامعات الأمريكية والبريطانية لم تحاول أن تحصل على ذلك الاعتراف معتبرة أن أساتذتها وطلابها وخريجيها هم الذين يفرضون الاعتراف بكفاءة برامج تلك الجامعات، أعني جامعتي كيمبردج وأكسفور على سبيل المثال لا الحصر لم تحاولا طلب الاعتراف الأكاديمي من أي مؤسسة كانت، وفي أمريكا مثل آخر، جامعة هارفرد، والإم أي تي، وييل، وكولوميبيا وجامعة نيويورك لم تعمل من أجل الحصول على الاعتراف من شركات أمريكية تبيع اعترافها الأكاديمي.. إن الجامعات الأجنبية التي أتينا على ذكرها يعمل بها أساتذة عظام أذكر منهم برجنسكي في جامع كولومبيا وكذلك إدوراد سعيد رحمه الله الأول تجاوز الثمانين من عمره وما برح يعمل في الجامعة، ولرستين في جامعة نيويور الحكومية عالم اجتماع، ويطرق سن الثمانين، وكبار أساتذة الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والتاريخ في جامعات أخرى، ما أردت قوله هو التركيز على الاعتراف بمكانة عضو هيئة التدريس ومخرجات الجامعة الطلابية لدينا أمثلة كثيرة في هذا المجال ليس هذا مكانه الآن. أما ما يتعلق بذريعة طلب سوق العمل، فالجامعة بيت علم ومعرفة، بيت خبرة تقدم كافة العلوم التي يرغب الطالب في الالتحاق بها والجامعة ليست مكلفة بإيجاد عمل لخريجيها، المستشفى يمنح المولود شهادة ميلاد لكنه لا يمنحه الحياة الفاضلة، تلك أرزاق يقسمها الخالق بين الناس، وكذلك الجامعة تمنح خريجها شهادة في تخصصه ولكنها لا تضمن له النجاح في عمله أو إيجاد عمل له يقول الأستاذ الدكتور زكي الشافعي أستاذ علم الاقتصاد في جامعة القاهرة إن الجامعة تعطي الطالب مهارات التعلم وتعلمه مناهج البحث العلمي والبحث عن المعرفة وتعلمه طرائق التفكير وهذا لا يتعدى %25 من التعلم، وعلى الطالب أن يحسن علمه ومعرفته طبقا لنظريات العلم التي تعلمها وهذا لن يزيد على %25 من التعلم أما بقية %50 فإنه يتعلمها من واقع الحياة العملية. الذريعة الثانية، حاجة السوق، فالسوق لا يحتاج إلى خريج تخصص تاريخ أو علم اجتماع أو جغرافيا وإنما يحتاج إلى خريج الهندسة والإدارة والاقتصاد والطب والصيدلة والعلوم الأخرى وهذا ذريعة أصحاب الأفق الضيق للتعليم، أضرب مثلا كم صرفت دولة قطر على علماء التاريخ والجغرافيا البشرية والطبيعية وعلم الاجتماع والقانون في النزاع مع البحرين في شأن جزيرة حوار والفشوت المجاورة، لقد راحت تبحث عن المتخصصين في هذه العلوم في الجامعات الأجنبية لأن جامعتنا لم تكن مؤهلة لتخريج علماء في هذه المجالات.لأن الجامعة لم تحتفظ بأساتذة كبار في تخصصاتهم، إنها تعاملت مع أساتذة كبار لكنها لم تحتفظ بهم وفضلت تبديل أعضاء هيئة التدريس الأمر الذي لم يبن للجامعة عندنا سمعة دولية بأساتذتها إن العبرة هنا ليس الاستغناء عن تدريس ودراسة هذه العلوم وإنما تدريسها لإنتاج خبراء يعتد برأيهم في أي شأن من تلك الشؤون آنفة الذكر. إن مهمة الجامعة علمية شمولية وليس مهمتها البحث عن حاجة سوق العمل، إن معظم البنوك والمؤسسات الاقتصادية في كثير من بلدان العالم كبار المديرين ليسوا بالضرورة خريجي مدارس الاقتصاد وإنما خليط من خريجي علوم إنسانية وأهمها علم التاريخ وعلم الاجتماع وعلم السياسة. (2) إذا كنا قد رحبنا وشكرنا المجلس التعليمي على قراره العادل بشأن أن تكون لغة التدريس في الجامعة هي اللغة العربية فلا بد من إصدار شرح تنفيذي لذلك القرار لأن لغة القرار حمالة أوجه فمثلا القرار كما أوردته وكالة الأنباء القطرية يقول " أن تكون لغة التعليم بجامعة قطر هي اللغة العربية " معنى ذلك أنه يشمل كل الكليات والأقسام العلمية. لكنه في فقرة أخرى يقول " إن تكون الدراسة باللغة العربية في كلية القانون وكذلك تخصصات الشؤون الدولية، والإعلام، وكلية الإدارة، وأعتقد أن كلية الشريعة وكلية التربية سقطتا سهوا مما نشرته وكالة الأنباء والسؤال هنا، هل بقية الكليات تدرس علومها بلغة غير العربية. نحتاج إلى توضيح للقرار آنف الذكر. آخر القول: إنه قرار حكيم رغم تأخره ولنا عودة لمناقشة التعليم العام وتعريبه.