17 سبتمبر 2025
تسجيلكنت في المستشفى وفي غرفة خاصة وعناية طبية كاملة وأمامي تلفزيون أقلب في القنوات، وإن كنت لم أغير عن قناة الجزيرة، ومع هذا فقد أصابني ملل كبير وتململ أكبر من أن أقضي أيامي هنا رغم زيارة أهلي وصديقاتي لي على مدار اليوم، وتساءلت بيني وبين نفسي إن كان وضعي هكذا رغم الرعاية والعناية التي أحاطتني فكيف هو الحال بأهل غزة الذين يعانون ضعف ما أعانيه بمئات المرات ولا يلقون أي عناية طبية أو رعاية علاجية لإصابتهم التي تفوق إصابتي ألف مرة ومع هذا فالمستشفيات لديهم في وضع يرثى له فعلا ومنظومتها الطبية منهارة وما عادت لها أي قدرة أو قوة على استيعاب مئات الجرحى والشهداء يوميا، فقلت إننا فعلا في نعمة لا تقدر بثمن وهي نعمة تستحق أن نحمد الله عز وجل عليها ونثني على اهتمام دولتنا بالمنظومة الصحية التي تولي اهتمامها الكبير بالمواطنين والمقيمين على حد سواء وفي المقابل تجعلنا فعلا نتساءل: إلى متى سيظل هذا الحال بأهلنا في غزة؟ وإلى متى سيظل الوضع الدموي الذي يسقط، جراء العدوان الإسرائيلي الآثم على شعب القطاع، عشرات الشهداء يوميا وقد يصل العدد إلى المئات للأسف في اليوم الواحد ؟! ألم يعد هناك أي شعور بالمسؤولية التي لا تزال ملقاة على عاتق العرب تجاه وقف هذا العدوان الذي دخل شهره الثالث في الوقت الذي احتفل المسلمون ببداية العام الميلادي الجديد في صورة تعجب منها المسيحيون المعنيون بهذه الأعياد بشكل مباشر ؟! فهل اعتدنا المشهد ؟! هل اعتدنا صورة الشهداء من الأطفال والرُضع وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم وصور الشهداء من الشيوخ والرجال والشباب والفتية وحتى من النساء في عدد غير دقيق يفوق 22 ألفا منهم ؟! إن كانت الحكومات العربية قد اعتادت المشهد، وهذا يعود لعادة العرب في تناسي قضاياهم التي يعود أقدمها إلى أكثر من 75 عاما، فإن العدوان الوحشي التي تتعرض له غزة لا يمكن لنا نحن الشعوب أن نعتاده بالمراهنة على طول مدة العدوان وانشغالنا بما يمكن أن يجعلنا ننسى ما يمر به القطاع من مجازر لم تحرك العالم الدولي أيضا الذي تمثلت مواقفه في الدعوات لوقف الحرب على غزة والامتثال للقانون الدولي الذي لا يعترف به العدو الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال حتى وصل به الحال إلى اختطاف الرضع من غزة كما كان مؤخرا حينما أقدمت بعض فصائل القوات البرية المتوغلة في القطاع لاختطاف طفلة رضيعة ونقلها للجانب الإسرائيلي دون إبداء أي سبب لهذه الجريمة الإنسانية التي تمثل جرائمها في استهداف الأطفال والرضع والنساء بالذات وقتلهم بصورة مباشرة تمثلت في تصريح نتنياهو الذي يصر عليه في كل مرة وهو رغبة كيانه المجرم في إنتاج أطفال لا يُربون على كراهية إسرائيل ولا الرغبة في مقاومتها والسير في طريق التحرير لفلسطين كما هو حال الأجيال التي تواجه إسرائيل حاليا وأُنشئت على فكرة المقاومة والتحرير واستهداف كيان الاحتلال، وهذا بالطبع يفسر أن الأغلب من الشهداء الذين سقطوا ويسقطون من المجازر الإسرائيلية هم من الأطفال والنساء، فهل يتوقع هذا النتن وحكومته أن ينشأ جيل غزة ممن شهد قتل آبائه وأمهاته وتشتت أهله وتدمير منازله والدمار الحاصل الآن أن يرميه بالورد مثلا أم سيكبر على أن إسرائيل هي السبب في العدد الهائل من اليتامى من الأطفال في هذا العدوان المجرم ؟! هل سيكبر وهو يرى إسرائيل تدافع عن نفسها كما تقول أم إنه عدوان صريح ومتعمد لإبادة جماعية لأهل القطاع ومن الصغار والكبار معا ؟! وإن المقاومة الفلسطينية هي من تريد الحرية لأهل فلسطين وليس التعدي على غيرها ممن يرى نفسه صاحب الأرض، بينما في الحقيقة إن الفلسطينيين هم أهل الأرض وإن إسرائيل محتلة مهما تلونت ومال العرب إلى التطبيع معها ففي الخير لا يمكن تجاهل هذه الحقيقة التي سنعود لها آجلا أم عاجلا.