13 سبتمبر 2025

تسجيل

هل أنت حر؟

03 يناير 2021

لقد كفل الدستور القطري الحرية الشخصية وحرية الرأي للمواطنين في تشريعاته، وبالأخص في المادتين 36 و 47، فالمواطن القطري يتمتع بحرية رأي دستورية، يحسده عليها الكثيرون ممن كممت افواههم، وقيدت حرياتهم بالتعبير عما يدور في خلجات صدورهم، وتعتبر هذه التشريعات الدستورية حصنا منيعا لحقوق المواطنة الحرة التي تكفل العدل والمساواة والامن والأمان للمجتمع القطري. ودعونا نتوقف قليلا للتفكير بصوت عال حول حدود هذه الحريات التي كفلها لنا الدستور، فليس من المنطق ان يكون فهمنا لحرية الرأي أن نقول ما نشاء فيما نشاء دون ضوابط ومراقبة ذاتية أولا ومجتمعية ثانيا، ضوابط يحتمها علينا ديننا الحنيف وأعراف وتقاليد مجتمعنا القطري المحافظ على قيمه الدينية والاجتماعية وإرثه الحضاري. باعتقادي ان هناك عدة ضوابط او معايير نابعة من الرقابة الذاتية لتحديد ما يمكننا قوله، وما يفضل عدم الخوض فيه، ولعل اهم هذه الضوابط هو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه" حديث حسن؛ رواه الترمذي وغيره وصححه ابن حبان والألباني، وهذا حديث عظيم فيه معان كثيرة وجليلة، قال ابن القيم رحمه الله في هذا الحديث: (قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة، فهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه كلمة شافية في الورع). يحزنني كثيرا عندما اسمع او أرى في وسائط التواصل الاجتماعي بعض الاخوان يدلي بدلوه في كل أمر، فيبدأ بطرح وجهة نظره ورأيه بالنقد او الهجوم او عرض المشكلات المتعلقة بالامور الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية، دون علم او معرفة او ثقافة بحيثيات ما يتحدث عنه، ودون إدراك لخوافي الأمور وبواطنها، ودون مراعاة للذوق العام في استخدامه للألفاظ التي قد تكون غير ملائمة او خادشة، نعم لقد ضمن لك الدستور حرية الرأي والتعبير، ولكن هل سألت نفسك أولا هل هذا الامر يعنيك؟ وهل لديك الخبرة والمعرفة الكافية حتى تتحدث وتبدي رأيك؟ وهل ستقدم حلولا منطقية ومعقولة وقابلة للتطبيق لحل هذه المشكلة؟ أم انك فقط تريد ان تتحدث اكثر بقصد المصلحة الشخصية التي ستحققها من الشهرة والانتشار، متغافلا عن عواقب ما ستقول على المصلحة العامة للمجتمع والوطن. قد يعتقد البعض انني في هذا المقال ادعو الى تقييد الرأي او تكميم الافواه، وحَاشَ لِلَّهِ ان أكون كذلك، ولكنني اقدم نصيحة لكل مواطن قطري صالح، ولكل مسلم بأن يراعي الله فيما يقول، ويعمل فقد تكون عواقب كل ذلك سيئة عليه وعلى مجتمعه ووطنه. يقول المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه - "إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ". متفقٌ عليهِ، وهنا بيان من الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه لأهمية الكلمة والتحذير من خطراللسان، فليست الخطورة هنا بخاصة على من تكلم ولكنها تتعدى الى المجتمع والوطن الذي يحسب هذا الانسان عليه. لا شك بأننا جميعا نحب وطننا، وحريصون كل الحرص على حمايته، وردع من تسول له نفسه الاضرار بأمنه وأمانه، او من يعمل سرا او جهرا في تدمير او تخريب او محاولة تفكيك لحمة وترابط أهل قطر حول قيادتهم الحكيمة، ولست أزايد على وطنية اهل قطر الذين ضربوا أروع الامثال في الفداء والبذل والتضحية من أجل هذا الوطن الغالي، والتفوا حول قيادتهم في احلك الظروف وأصعب اللحظات، ولكني اقدم النصيحة إيمانا مني بأهمية دور المواطن ليكون سفير خير لمجتمعه ووطنه.