30 ديسمبر 2025

تسجيل

ضربة «معلم» لو تحققت

03 يناير 2019

دأب الرؤساء الامريكيون دائماً على تكرار أن إسرائيل واحة من الديمقراطية وسط حزام من الانظمة الاوتوقراطية والمستبدة مما يجعل من المحافظة عليها مطلباً إنسانياً عالمياً. هناك وعي لدى الغرب بشكل عام بأن المنطقة العربية منطقة استبداد لذلك ليس هناك أولوية إنسانية ولا ضرورة داخلية لدى هذه المجتمعات للتفضيل بين دولها وأنظمتها سوى المصلحة المادية ودرجة توظيف كل نظام لتحقيق مشاريع هذه الدول الغربية، بمعنى آخر لا تقع هذه الدول تحت ضغط شعبي ولا مطلب مجتمعي من الداخل كما لو تعرضت اسرائيل ووجودها للخطر لأنها -أي اسرائيل- حالة إنسانية يجب المحافظة عليها. وقد شهدنا في هذا الحصار الجائر والمستمر على دولة قطر تذبذب وذرائعية موقف الغرب والشرق بشكل عام منه تبعاً لمصالحه دون الالتفات والتفريق بين مكونات أنظمته ودرجة اختلاف كل منها عن الآخر لأنه في وعي هذه الدول وشعوبها كتلة واحدة من الاستبداد وعدم الشرعية. لذلك أرى أن الاستعجال فيما كانت دولة قطر تهدف اليه منذ بداية الربيع العربي وهو قيام نوع من التمثيل الشعبي والمنتخب وتفعيل حياة دستورية حقيقية بالسرعة الممكنة سيدخل عاملاً حاسماً في تعامل الدول الغربية مع أزمة الحصار وسيجعل من شعوب تلك الدول عاملاً مؤثراً للضغط على حكوماتها حينما تدرك تلك الشعوب أن هناك واحة من الديمقراطية في طور القيام والانشاء وسط حزام من الاستبداد والاوتوقراطية تمثله دول الحصار. أنا اعتقد أن التوقيت عامل حاسم اليوم قبل الغد واثناء الحصار لا بعده وستكون ضربة «معلم» تُدخل الجانب الانساني بشكل غير مسبوق وحاسم وستعطي دولة قطر ميزة كبرى خاصة أن الظروف لدى قطر أكثر تهيئة مما لدى غيرها من هذه الدول وذلك لتجانس المجتمع وارتباطه بقيادته بشكل أكبر وضوحاً وعدم وجود سجناء رأي ولا معتقلي كلمة في سجون قطر وسيعطي أيضاً مرجعية أخلاقية للانفتاح الاعلامي الذي تشهده قطر، كذلك إدخال العامل الإنساني المتمثل في حرية تمثيل المجتمع ودستورية العلاقة فيه سيجعل ما ترتكبه هذه الدول من حماقات يومية في شأن افرادها ومواطنيها أكثر سطوعاً، وسيكشف زيف الانفتاح الترفيهي الذي تمارسه هذه الدول وهو في الاصل ليس بديلاً عن حرية الانسان وحرية الرأي وأصالة التمثيل. إن ما تحاوله هذه الدول اليوم ليس سوى نوع من الزيف يقوم على اسبقية الغذاء قبل الدواء والترفيه قبل الحرية وامتلاك حرية التصرف ضمن دائرة الاستبداد قبل حرية الكلمة والرأي في تقرير المصير. أعتقد أنها ستكون ضربة «معلم» تفتح بها قطر ثقباً في وعي شعوب العالم تجعل من هذه الشعوب شريكاً في هذه الازمة بعيداً عن أي مصلحة ذاتية أو استراتيجية ضيقة تستخدمها الانظمة وتطرح من جديد فكرة الواحة وسط حزام من التصحر والاستبداد ويصبح العالم أمام مسؤولية اخرى أمام ذاته ووجوده كمجتمع إنساني ويسقط دعاوى الانفتاح التي يمارسها النظام السعودي اليوم بشكل سافر ومقزز بعد كل هذا الانكار والتزمت، حيث إمكانية التأصيل للإنسان بما هو إنسان أكبر واعظم من مجرد التعامل معه بازدواجية بين حقه الأصيل في الحرية وبين تسويقه كمستهلك في سوق من الكماليات التي لا تضيف الى جوهره شيئاً، متى نحقق ضربة «المعلم» هذه؟ أرجو أن يكون ذلك قريبا. [email protected]