11 سبتمبر 2025
تسجيليبدو أن علينا البدء بالتفكير المتفائل في مطلع العام الجديد ورحيل عام 2016 الذي كان قمة المآسي والكوارث الإنسانية التي وقعت على الشعوب العربية والمدنيين الأبرياء في ليبيا واليمن والعراق و سوريا التي انتهت فيها مدينة حلب محتلّة من مليشيات القوة الإيرانية والروسية بطلب سوري رسمي،فبعد كل ما جرى خلال السنوات بل العقود الماضية،لن ينفعنا البكاء عند رأس الميت بل علينا أن نفكر فعليا كيف نتخلص من هذا الإرث السياسي المتخلف الذي جعل من الأمة العربية دميّة في أيدي الأنظمة البربرية والدول المعادية وجعلنا مثالا للتخلف والدموية والطائفية والإرهاب،وهذا يحتم على قادتنا التفكير بإعادة بناء جامعة الدول العربية مجدداقد لا يعلم الكثير من أبناء الجيل العربي الجديد إرهاصات نشوء جامعة الدول العربية التي لم تعد تمثل الوحدة العربية التي كانت هي الهدف المنشود حينذاك، فقد بدأت فكرة إنشاء هذه المنظمة الإقليمية في بداية الأربعينات من القرن العشرين، وحين أعلنت رسميا كانت هي المنظمة الدولية الأولى في العالم التي نشأت بعد نشوب الحرب العالمية الثانية،وسبقت قيام هيئة الأمم المتحدة بعدة أشهر، حيث توافقت مصر وسوريا والعراق ولبنان والسعودية على قيامها ومن ثم سارعت جميع الدول العربية للانضمام لها بعد استقلالها، ومن الطريف أن الخارجية البريطانية ممثلة بالوزير "إنتوني أيدن" هو من فتح باب التحفيز لها في خطاب له عام 1941 حيث صرح بأن المفكرين العرب يتطلعون لبريطانيا كي تدعمهم في جمع شملهم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي في كيان يعبر عن استقلالهم.لقد كان للجامعة العربية في بدايتها وخلال مسيرتها الممتدة خلال سبعين عاما مضت جهودا جيدة في توحيد الكثير من الأنظمة والقوانين ودعم الأسس الإقتصادية والثقافية والسياسية إلى حد ما، ولكن كانت المشكلة في بعض القيادات العربية التي أنتجتها الثورات العسكرية والانقلابات، ولعل المنعطف الخطير الذي مرت به وحدة الجامعة كان عام 1990 عقب احتلال قوات النظام العراقي للكويت، ما ضرب الصف العربي الذي انقسم إلى فسطاطين، وحتى نقل مقر الجامعة إلى تونس بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لم يفرق بين العرب كما حدث بعد عام 1991،فقد تفرق شمل الدول العربية وجعلها عرضّة للتكالب عليها على مرّ عقدين استطاعت فيهما إيران وروسيا والولايات المتحدة تحديدا من اقتسام "السلطة الخفية" فيها.اليوم يجب النظر فعليا إلى إعادة تفعيل أو بناء مؤسسة الجامعة العربية من جديد وعلى أسس جديدة تراعي المتغيرات التي جرت على بلادنا، وعلى رأسها قضية الأمن وحماية أراضي الدولة وسيادتها،وهذا يتطلب فكرا متقدما لوضع تصور لإنشاء مجلس أمن عربي خاص بنا، يمكن الرجوع إليه في القضايا الكبرى والاحتكام لقراراته لفرض هيمنة العرب على بلادهم، وإعادة دعم فكرة القوات العربية المشتركة لتكون هي القوات العربية الوطنية التي تتدخل لحماية بلادنا من الأخطار المهددة، حتى لا نضطر مجددا الى الاستنجاد بالقوات الأجنبية لنقاتل بها بعضنا البعض، فكرة قد تبدو حمقاء ولكن ليست أكثر حمقا مما جرى لبلادنا خلال عشر سنوات مضت .