17 سبتمبر 2025

تسجيل

لغة الجسد.. اللغة المُهملة!

03 يناير 2016

يتجاهل كثيرون لغة الجسد، التي لا تقل أهمية في التعامل اليومي عن لغة اللفظ المنطوقة. وقد يحدث تناقض – لدى البعض – بين ما ينطقونه وما تفرزه لغة الجسد دون أن يشعروا بذلك، فلا يتحقق الاتصال الناجح، ولا تصل رسائلهم إلى المتلقين، الذين يسيئون تفسيرها أو عدم فهمها.وضع يوليوس فاست كتاباً بعنوان (لغة الجسد) تم نشره عام 2010 عن دار نوافذ للدراسات والنشر. ويتحدث أولاً عن (فضاءات الإنسان) Proxemics ، أي المساحة التي يجب الإلتزام بها عند التقاء البشر. ويصنف تلك الفضاءات إلى أربعة أصناف هي:1- المسافة الحميمية: ويقدرها من 6-18 بوصة، ولكن تسقط هذه الحميمية في ازدحام القطار مثلاً، حيث قواعد الوقوف أو الجلوس الصارمة، وما يحدث خلالها من التصاق الأجساد، ما يجرح تلك المسافة. كما يحدق التحديث غير السوي بين الجنسين.2- المسافة الشخصية: ويقدرها من قدم ونصف إلى قدمين، بل يحددها البعض بأربعة أقدام، حيث لا يتسع النطاق للمس. وتتجلى الخصوصية في هذا النطاق، وغالباً ما تكون الثرثرة في الشارع ضمن هذا النطاق، أما في الحفلات فيقصر النطاق جداً.3- المسافة الاجتماعية: ويحددها من 4-7 أقدام، وتحدث فيها حوارات غير شخصية، كمقابلة الزبائن أثناء العمل، أو تلك المسافة بين المدير والسكرتيرة، أو المسافة التي تحافظ ربة البيت عليها عند حديثها مع الذي يصلح لها الأعطاب في المنزل (السمكري، الكهربائي) ، أو البائع. وفي هذا النطاق تنشط حركة العين ، ولا بد من النظر إلى عين المتحدث، وإن لم يحدث اتصال بصري بين الطرفين فهذا يعني إقصاء أحد الطرفين من النقاش.4- المسافة العامة: ويحددها ما بين 12-25 قدماً، كما هو الحال بين المعلم وتلاميذه في الفصل، أو وجود مدير المؤسسة أو أحد الباحثين في ندوة وغيرها.وفي حياتنا العامة يجهل البعض حتمية هذه الأنطقة، ويحدث تداخل في نطاقات الآخرين دون استحبابهم لذلك، فنلاحظ أن أحد المتحاورين يتراجع إلى الوراء، بل إن بعض العرب يحاول لفت نظر محدثه بملامسته اللحوحة، كأن يضرب يده أو كتفه أو ساقه إن كان في حالة جلوس!؟ وهذه عادة لاحظتها على ثلاثة من أصدقائي المقربين، حيث يكرر المتحدث ضربه لليد أو الكتف أو الساق رغبة منه في شد الانتباه، وعدم ضياع فرصة وصول رسالته لي. ولكن يبدو الأمر مزعجاً، لأنني أكون على بُعد ثلاثين سنتيمتراً من المتحدث، وهي المسافة الشخصية التي تسمح لي بسماعه جيداً . كما أنه لا توجد ضوضاء " تشوّش" على الحديث، في المكان المغلق مثل المطعم.كثيراً ما ألجأ إلى إبعاد يدي أو كتفي أو ساقي عن المتحدث بصورة واضحة، إلا أنه لا يأبه بذلك ويواصل ضربي!؟ تصوروا لو استمر الحديث لمدة ساعتين ، ومحدثي يضربني مرة كل ثانيتين ؟ كم من الضربات سوف أحتملها!؟ إن وجود المسافة الشخصية لا تعني أن يحاذي اللفظَ الضربُ أو اللمس، لأن كثيرين لا يحبذون ذلك ! كما أن هذه عادة غير حميدة، وتشتت فكر وتركيز المتلقي، لأنه يفكر في الألم أو (القرف) الذي يحدثه الضرب في جسده.يقارن الكاتب بين العرب واليابانيين في قضية الفضاءات! ويأتي الكتاب بقصص واقعية حول الفضاء بين الناس، حيث قدوم شاب من الريف الأمريكي إلى مدينة متحضرة، يواجه بسوء تفسير الناس لتصرفاته، سواء كانت لفظية أم جسدية! كما يحدث التحديق في الأماكن المغلقة مثل المصاعد، وهنا تتدخل خلفية الشخص ومستواه الثقافي وبيئته الإجتماعية. كتاب لطيف ومثير ومعلوماتي، يجدر بالكثيرين أن يقرأوه.