14 سبتمبر 2025

تسجيل

مجلس التعاون من التنسيق إلى الاتحاد

03 يناير 2012

في قمة حكام دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في ديسمبر العام الماضي في الرياض ألقى الملك عبد الله آل سعود كلمة في الجلسة الافتتاحية، والرأي عندي أن أهم ما جاء في خطاب الملك عبد الله دعوته إلى تجاوز مرحلة التنسيق بين حكام دول المجلس إلى قيام اتحاد يضم هذه الدول. كان الملك عبد العزيز المؤسس للدولة السعودية المعاصرة أحد الزعماء العرب في عصره المنادين بالوحدة العربية ولكل من الحكام العرب في ذلك الزمان الداعين للوحدة أهدافه وليس هذا مقام تناول أفكار ذلك العصر بالشرح والتحليل. ما أردت قوله إنها المرة الأولى في حدود معرفتي أن ينادي ملك السعودية أحد أبناء الملك عبد العزيز بالوحدة / الاتحاد بين دول الخليج العربي، ونحمد الله أن فكرة الوحدة أو الاتحاد لم تمح من فكر قادتنا رغم كل الجهود للنيل من الفكر الوحدوي، بل جد أعداء الوحدة العربية في تشويه صورة الوحدة والنيل من دعاتها ووصفهم بأبشع الصفات وأخبثها. (2) إن كل أنصار الوحدة والداعين لها يقدمون الشكر والتقدير لخادم الحرمين الملك عبد الله لدعوته الوحدوية / الاتحادية بين دول الخليج العربي، لكن نتمنى أن لا تذهب هذه الدعوة مع الريح بعد أن انفض اجتماع القمة وتصبح فقرة في جدول أعماله السنة القادمة دون اتخاذ خطوات فعالة لتفعيل هذه الدعوة. انطلاقا من إيماننا بوحدة عربية تبدأ من دول الخليج العربي نود أن نؤكد أن قيام وحدة أو اتحاد يحتاج خطوات عملية مبنية على أسس علمية يقوم بصياغتها أهل الفكر والقلم ويتبناها ويعملون على تنفيذها قادة دول المجلس. في بادئ الأمر تحتاج كل دولة من دول مجلس التعاون ـــ لكي نتجاوز مرحلة التنسيق التي ثبت فشلها إلى مرحلة الوحدة ــــ أن تقوم بإصلاحات داخلية في كل مناحي الحياة من أهم تلك الإصلاحات تفعيل دور الشورى / الديمقراطية عن طريق ممثلين للشعب منتخبين وبكل شفافية دون تمييز طائفي أو قبلي أو عرقي أو بيوتات، تكون لهم صفة تمثيل الشعب وهم مصدر التشريع، الفصل بين الإمارة والتجارة، ترسيخ مبدأ المواطنة واعتبار المواطن شريكا في صناعة القرار عبر ممثليه المنتخبين في مجلس الشورى / البرلمان، وشريكا في الثروة وله حرية الاختيار، كفالة حرية التعبير عبر كل الوسائل المعلنة (صحافة، إذاعة، تلفاز،... إلخ) أو عبر الندوات والمؤتمرات.العمل على استقلالية القضاء ونزاهته وعدم التدخل في ما يصدره القضاة من أحكام وتحصينهم من سلطة الحاكم. يكون التعيين في الوظائف القيادية وغيرها مبنيا على الكفاءة وحسن السيرة والسلوك وليس على أسس طائفية أو قبلية أو عائلية، القضاء على البطالة المقنعة والسافرة في كل دولة على حدة. يجب معالجة خلل التركيبة السكانية في كل دولة بمفردها. (3) على مستوى دول المجلس، ونحن نمهد الطريق لقيام وحدة / اتحاد نحتاج إلى توحيد مناهج التعليم خاصة مواد علم الاجتماع خاصة مادتي التاريخ والجغرافيا، كل دول مجلس التعاون تدين بالإسلام وتتعدد المذاهب ومن الواجب على فقهاء المذاهب الاتفاق على مادة الدين التي يجب تدريسها في التعليم العام، كل ذلك بهدف إضعاف الانتماء الطائفي وترسيخ فكرة الوطن والمواطنة والمساواة بين الناس، يجب أن لا نكون رهينة للتنازع الطائفي ففينا من يعتمد الفقه الحنبلي، وفينا المالكي والشافعي والحنفي وفينا الأباضي والإسماعيلي والجعفري. ونعتمد مبدأ قرآني " لا إكراه في الدين..... " إن التعليم الديني الموحد في مراحل التعليم العام لكل الطلاب في دول الخليج العربي أمر في غاية الأهمية لأن ذلك سيرسخ الوحدة الوطنية ويمنع التجمع تحت مظلة الطائفة أو المذهبية. إننا نحتاج إلى حرية حركة المواطن بين الدول الأعضاء ليس عن طريق حواجز الأمن العام في المطارات والحدود، اجعلونا نتنقل بين هذه الدول كما يتنقل المواطن في الدولة الواحدة عبر مدنها دون توقف ودون حواجز. نحتاج إلى عملة واحدة إلى جانب أمور أخرى لتكرس الانتماء الوحدوي بين الناس. آخر القول: نريد أن نقول إن فكرة التنسيق بين دولنا لم تعد مجدية وثبت فشلها إلا في الأمور الأمنية، إنه لا يوجد مستقبل لدولنا في ظل التكتلات الدولية وفي محيطنا سباق نووي رهيب، إن كل أسلحتنا لم تعد مجدية يوجهها ويبرمجها أناس ليس لهم انتماء لنا، ولا لحضارتنا العربية وفي ظل سياسات دفاعية مختلفة، وآخر الدعاء ربنا وحد بيننا ولا تجعلنا عرضة لأعداء الوحدة والمشككين في جدواها إنك على كل شيء قدير.