15 سبتمبر 2025

تسجيل

المُلهـــم المُهمّـــش !

02 ديسمبر 2018

حضر الشاب المحدث الملهم قمة العشرين وعوضاً عن دخول جناحه في فندق الفورسيزن في قلب الأرجنتين اختار أن تكون ( السفارة السعودية ) مقر إقامة له لتستنفر السفارة تجهيزاتها من الداخل والخارج، ويقيموا الحواجز ليضاعفوا من عدد الحرس المدججين بالأسلحة خارجها ويقيموا الزجاج المضاد للرصاص ويصبغوا الواجهات باللون الأسود الذي لا يعكس عما وراءه ولا يُرى منها وتغلق السلطات الأرجنتينية الشارع الموصل إليها خشية المظاهرات الاحتجاجية التي قد تقض مضجع الأمير الملهم !، فمن استدرج المرحوم جمال خاشقجي رحمه الله لدخول القنصلية السعودية في اسطنبول آمناً دون اعتقاد منه أنها ستكون وكر العصابة التي ستنهي حياته فيها، هو نفسه من دخل بالأمس سفارة بلاده في بوينس آيرس ولكن بفارق واحد وهو أنه يعلم بأنه سيكون آمناً مطمئناً بها على غير ما كان يظنه خاشقجي للأسف، ولتبدأ بعدها فصول أسوأ ما يمكن أن يشعر به هذا الأمير الصغير من تهميش وشعور بالوحدة إن لم يكن بالتوحد !. فالرئيس ترامب الذي يشعر منذ تفجر أزمة تصفية مقتل جمال خاشقجي وضغوط مجلسي النواب والشيوخ والإعلام الأمريكيين عليه بأن ابن سلمان بات العبء الذي قد لا يتحمله مجدداً فيما لو تسربت حقيقة أخرى تؤكد تورط ولي العهد السعودي في هذه الجريمة المروعة التي لا يمكن لأحد تجاهلها أو تناسيها، وجد هو الآخر نفسه يهمش وجود محمد بن سلمان ولا يمد يديه لمصافحته لئلا يؤخذ عليه في الصفحات الأولى من صحف أمريكا ذائعة الصيت أنه مد يده لقاتل آمر بالقتل بهذه الصورة الوحشية، وليقابله الأخير بنظرة خجولة وابتسامة تعد بالكثير لرئيس أمريكا فيما لو استمر على هذا المنوال في الدفاع عنه وأن لكل شيء ثمنه ولكن على ترامب أن يستمر وينافح ويجند إلى جانب وزير خارجيته بومبيو ووزير دفاعه ماتيس عدداً أكبر من الشخصيات، ولا بأس إن تم إسكات عدداً من أعضاء ورؤساء اللجان داخل مجلسي الكونغرس والشيوخ والذين لا يزالون يهاجمون ابن سلمان على كل موقع وفي كل مشهد ومناسبة وذلك لكتم أصداء هذه القضية التي جعلت الرئيس الفرنسي يتولى مهمة المعلم الذي يؤنب تلميذه المهمل ويقف مع ولي العهد السعودي في موقف وصفه الأليزيه بأنه كان موقفاً حازماً من ماكرون بعكس ( مبس ) الذي واجهه بابتسامة مغلفة بالإحراج ويتمتم موافقاً: بلى لقد سمعت كل كلامك كله سابقاً وسأسمع الآن بعد أن قال له الفرنسي: ألم أقل لك ؟! أنت لا تستمع لي أبداً !، فهل كان ابن سلمان يظن أن استقباله في قمة العشرين هذه المرة سيكون على ما كان عليه سابقاً من رؤيته مصلحاً اجتماعياً لبلاده رغم الزخم البشري من كافة المصلحين الحقيقيين من الجنسين في سجون بلاده ؟!، فعلى ما يبدو أن ولي العهد السعودي كان يعلم بأنه سيعيش هذه العزلة الواضحة بدءاً من اختياره لسفارة بلاده ليقضي لياليه القصيرة في الأرجنتين قبل أن يتوجه اليوم إلى موريتانيا الذي ستقابله هناك فصول أخرى من الرفض وصفة القاتل التي باتت تلاحقه مع صور ضخمة للمناشير الكهربائية، ونهاية بالتجاهل الذي التقطته صور الكاميرات للرئيس التركي الطيب رجب أردوغان وهو يسير أمام ابن سلمان دون أن يلتفت له أثناء ترتيب صفوف الزعماء وممثلي الحكومات العالمية وكأن الغزل الذي استهل ابن سلمان مؤتمر( دافوس الصحراء ) والذي قاطعته شخصيات ومؤسسات استثمارية عالمية في مدح أردوغان لم يكن ليعطي نتيجته الواضحة على هذا العثماني القوي الذي قال حينما استقبل طلب محمد بن سلمان لرؤيته على هامش القمة بكلمة واحدة مهلهلة المعنى ولا تعد بشيء وهي كلمة ( سنرى ) !، ليمارس ابن سلمان بعدها دور الشخص المحبوب مع الرئيس الروسي بوتين الذي بادله تحية حارة أمام عيني ترامب الواثق بأن الرياض لا يمكن أن تخرج من عباءة واشنطن مهما كانت حركات ( الضُرّة ) التي حاول بها بوتين وابن سلمان إثارة غيرة ترامب !. عموماً لا يبدو أن ولي العهد السعودي يتمتع بمستشارين جيدين يعطونه النصيحة والاستشارة الصحيحة التي تجعله اليوم يعاني من ( حيص بيص ) سياسي كبير يقوّض معهما كل الذباب الإلكتروني والمرتزقة للدفاع عنه بهذه الصورة المتخمة في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى القنوات السعودية والتابعة لها، ويبدو أن هذا الأمير لن يخرج من هذه الدائرة الضيقة إلا بالدخول أكثر في ذنب خاشقجي وأطفال وشعب اليمن وهما من هيمنا على أجواء القمة التي بدت في ظاهرها ( بترولية نفطية ) وفي داخلها شعور بأن قاتل دفع ليقتل وسيدفع ليُحكم عليه بالبراءة و.. هيهات !. فاصلة أخيرة: البراءة صك ثقيل لن تقوى على شرائه !