14 سبتمبر 2025

تسجيل

عندما يقهر السلاطين أحفاد قيصر!

02 ديسمبر 2015

لمّا وقع "الكونت دى نيفر" أحد أكبر الأمراء في الجيش الصليبي في حربه ضد الدولة العثمانية، والذي كان قد أقسم بأغلظ الأيمان للسلطان بايزيد الأول ألا يعود لمحاربة المسلمين وكاد أن يقبّل قدم السلطان، لكن كان الرد من السلطان بايزيد الأول المعتز بدينه، أن قال له: (إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين فأنت في حل من الرجوع إلى محاربتي وقت ما شئت) ثم استطرد قائلاً كلمته الشهيرة التي خلّدها له التاريخ وكتبها من حروف من ذهب: (إذ أنه ما من شيء أحب إليّ من محاربة جميع مسيحيي أوروبا والانتصار عليهم).نزل الخبر على مسيحيي أوروبا مثل الصاعقة، وانتظر المسيحيون سقوط الممالك المسيحية واحدة تلو الأخرى في قبضة السلطان بايزيد، وعلى النقيض أرسل السلطان بايزيد الرسائل إلى ملوك وسلاطين المسلمين في القاهرة وبغداد وبلاد ما وراء النهر ومعها بعض الأسرى كدليل مادي على النصر المبين، وخلع عليه الخليفة في القاهرة أبو عبدالله محمد بن المعتضد المتوكل على الله لقب "سلطان الروم" فأضاف بذلك شرعية جهاده ضد المسيحيين في أوروبا، وأهدى أمير بخارى سيفا للسلطان بايزيد في سبيل الهدية والتكريم، وعلقت الزينة في البلاد الإسلامية فرحاً بذلك النصر المبين واتجهت أنظار المسلمين إلى تلك الدولة التي أيد الله جهادها بالنصر على أعدائها وارتحل كثير من شباب المسلمين إلى الأناضول ليكونوا تحت إمرة السلطان بايزيد في جهاده ضد الروم مسيحيي أوروبا.وتعتبر معركة نيكوبولس بالنسبة للمسيحيين أعظم كارثة على الإطلاق في العصور الوسطى، وبلغ السلطان بايزيد قمة مجده بعد تلك المعركة. وفي نشوة الفرح والانتصار أعلن السلطان "أنه سيفتح إيطاليا بإذن الله وسيطعم حصانه الشعير على مذبح كنيسة القديس بطرس في روما"!!هذه ليست إلا واحدة من سير المجد والعزة التي سطرها المسلمون بأحرف من ذهب إبان عهد الخلافة العثمانية وبقيادة سلاطين باعوا دنياهم من أجل آخرتهم ولم يرتضوا الهوان والذلة حتى أذاقوا قياصرة وأباطرة وزعماء تلك الأزمنة القهر والذل.وهاهم أحفاد أولئك السلاطين يسيرون على نهجهم ويوجهوا رسالة لأحفاد أباطرة وسلاطين وقياصرة الروم مفادها بأن المسلمين وإن جار عليهم الزمان وتكالبت عليهم الأمم لضعفهم وهوانهم فإنه لا تزال فيهم فئة لا يخشون في الله لومة لائم ولن يرضوا بالظلم والغطرسة ضدهم مهما كلفهم ذلك الغالي والنفيس!!يتجسد ذلك في الموقف التركي وعلى لسان السلطان أردوغان الذي وضع حداً للجور والظلم الروسي على الشعب السوري وتعديه على السيادة التركية بإسقاط الطائرة الحربية الروسية التي طالما أمطرت وغيرها من الطائرات الروسية وطائرات النظام بوابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة على المدنيين السوريين واستهدفت مراراً وتكراراً المعارضة السورية للحفاظ على هذا النظام المجرم!!بوتين الساخط من ردة الفعل التركية كان يبدو أنه مستخفاً بالقوة التركية ويريد أن يستعرض بقوته أمام القوى المعارضة لتدخله في الشأن السوري وتحالفه مع إيران في حربها ضد الثورة السورية، ولو أنه قرأ التاريخ جيداً لعَلِم تماماً أن تاريخ أجداده القياصرة أمام أجداد الأتراك السلاطين كان مريراً وقاسياً وانتهى بهزائم ولّدت هذا الحقد لدى بوتين القيصري وحلفائه المجوس!!فاصلة أخيرةنتألم كثيراً عندما يتشدق بعض كبار المسؤولين في دولنا العربية بشجبهم واستنكارهم لإسقاط الطائرة الروسية ووصف هذه العملية بالإرهابية، إذا كان هذا إرهاباً في نظرهم فماذا يسمّون استهداف الطائرات الروسية للمدنيين السوريين وقتلها الآلاف منهم؟!! ليتهم يخرسون!