11 سبتمبر 2025

تسجيل

السوق المالي بحاجة إلى آليات إنقاذ فاعلة

02 ديسمبر 2014

تتجدد المخاوف في أسواق المال من استمرار تراجع المزيد من أسعار النفط، في ظل عدم اتفاق الدول المصدرة للنفط "أوبك" على تحديد سقف معين للإنتاج، وعودة القلق من هبوط الأسعار إلى ما كانت عليه منذ سنوات عندما تأثرت بالأزمة المالية، وبتباطؤ حركة المصانع في الصين وأوروبا.فقد ذكرت تقارير دولية أنّ سعر برميل النفط وصل إلى أدنى مستوياته منذ أعوام بسبب القرار الذي اتخذته دول أوبك بعدم تخفيض سقف إنتاجها، وقد انعكس هذا التراجع سلباً على أسواق المال لكون النفط يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحركة السوق المالي.المتابع لأسواق المال الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع يلحظ مدى النزول القوي في مؤشرات البورصات عربياً وعالمياً، حيث هوت تلك المؤشرات عقب اجتماع دول أوبك، وقد خسرت أسواق الأسهم في يوم واحد نحو 45 مليار دولار، ورغم أنّ أسواق دول الخليج قد لا تتأثر كثيراً بسبب النتائج الختامية للشركات المدرجة في السوق المالي، مدفوعة ً بالدعم الحكومي الذي يحفز من نموها.ذكر تقرير دبي أنّ انخفاض أسواق الأسهم في الخليج يعود إلى الخوف الذي بدأ يدب في نفوس المستثمرين لاحتمال استمرار المزيد من مؤشرات الانخفاض، خاصة ً بعد أن وصل سعر برميل النفط إلى 71 دولاراً، إلا أنّ ضخامة الإنتاج لدول التعاون كما ذكر التقرير، وحجم الإنفاق الحكومي الضخم على الشركات تؤكد أنّ أسواقنا بمنأى عن التأثر وأنه سيكون على نحو جيد.وأشار التقرير إلى أنّ قطاع البتروكيماويات في المنطقة قد يشهد تغييرات، إذ من المتوقع أن يتراجع بنسبة 9% في حال استمر انخفاض سعر النفط، لأنه يقوم في إنتاجه على قطاع الطاقة.وذكر أيضاً أنّ المخاوف التي تقلق الأسواق مبالغ فيها، وأنّ دول الخليج ستحقق فوائض في موازناتها لهذا العام، وأنه بفضل ما حققته من تراكمات ضخمة في العوائد والفوائض السنوية سيجنبها الضغوط الحالية، وسيمكنها من المحافظة على مستوى إنفاق مرتفع.ومن المتوقع أن تعاني منطقة الخليج من تراجع أرباح بعض الشركات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط، فهي تعتمد في إنتاجها ومبيعاتها على النفط.ومن المرجح أيضاً أن تتأرجح أرباح بعض الشركات في دول التعاون بسبب ارتباط العديد من الشركات المدرجة بقطاع البتروكيماويات، ففي التوقعات الأولى من هذا العام رأى الخبراء أن النمو الربحي سيبلغ مستوى جيدا في 2015 إلا أنّ انخفاض أسعار النفط حال دون ذلك.ولو نظرنا إلى أسواق المال العالمية، فالروبل الروسي يواصل تدهوره من جراء تراجع الدولار واليورو، متأثراً بانخفاض أسعار النفط، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، حيث خسرت العملة الروسية أكثر من ثلث قيمتها السوقية خلال هذا العام.فيما ترى روسيا أنّ الأسواق ستعود إلى طبيعتها تدريجياً دون تدخل لإنقاذها، ولكن هذا الوقت قد يغرق أسواق الأسهم في انخفاضات كبيرة.ومما يثير قلق واضعي السياسات المالية هو كيفية تحفيز النمو والتقليل من آثار التضخم بهدف العمل على تناغم أسواق العالم مع المتغيرات الحالية.والين الياباني بدأ يسجل أدنى انخفاض له في مقابل هبوط الدولار واليورو، خاصة ًبعد أن خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني اليابان باعتبارها ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وهذا سيصاحبه المزيد من المشاكل التي قد تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية.ومن هنا نصل إلى نتيجة أكدتها أسواق المال، وهي ارتباط النفط بحركة الأموال، فكلما ارتفعت أسعار النفط انتعشت العملات، والعكس صحيح.ويتطلب هنا من القوى الاقتصادية أن تعي آلية التناغم بين النفط والمال في استقرار السوق، خاصة ً في ظل ظروف بالغة التعقيد، وأبرزها توتر الوضع الراهن في الشرق الأوسط، وضبابية الإصلاحات الاجتماعية والمعيشية لدور اليورو التي تعاني أصلاً من انهيار في بنوكها وأنظمتها المالية.فالتشخيص المبدئي لحجم المشاكل التي تعتري السوق العالمي هو بداية الطريق لإصلاح النظام المالي، وضرورة أن تعكف الدول على إيجاد آليات إنقاذ قابلة للتطبيق وألا تستغرق وقتاً في تفعيلها لأنّ السوق في حراك مستمر والنمو يتطلب مواكبة تلك المستجدات.