16 سبتمبر 2025

تسجيل

الربيع العربي وأثره على العلاقات مع أوروبا

02 ديسمبر 2011

في الوقت الذي انعقد في الدوحة أربع فعاليات سياسية واجتماعية مهمة "مجلس التعاون الخليجي في ذكراه الثلاثين عاما، نظمته جامعة قطر مع جامعة أجنبية مقيمة، هوب فور، نظمته وزارة الخارجية، العرب والقرن الإفريقي جدلية الجوار والانتماء نظمه معهد الدوحة للدراسات وتحليل السياسات غبت عنها جميعا لارتباطي بفعالية سياسية مهمة عقدت في عمان الأردن تحت عنوان " الربيع العربي وأثره على مستقبل العالم العربي والعلاقات مع أوروبا " نظمته الجامعة الأردنية بالتعاون مع مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة جنوب الدنمارك، شارك في هذا المؤتمر نخبة من المشتغلين بالسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع والعديد من إسبانيا والدنمارك وفرنسا وتشيك وإيطاليا والسويد وغيرهم، كنت استلمت الدعوة لحضور هذا المؤتمر في شهر يوليو، فكان لذلك المؤتمر الأولوية عندي رغم عتب الكثير من الأصدقاء عن غيابي عن فعاليات وأنشطة الدوحة. كانت مداخلتي في مؤتمر عمان بعنوان " مجلس التعاون الخليجي والغرب والربيع العربي " وقلت إن مجلس التعاون ليس محصنا من عواصف الربيع العربي فهذه العواصف تحوم في أجواء العديد من دول المجلس رغم اندفاع هذه المجموعة في تأييد ثورة الربيع العربي في أقطار عربية متعددة وحماية بعض دول المجلس لنظام علي عبدالله صالح رغم بطشه بالشعب اليمني بلا هوادة. وقلت فيما قلت عن دور أمريكا في الربيع العربي لقد خيم على الإدارة الأمريكية منهج "دبلوماسية التردد والغموض " فالرئيس الأمريكي أوباما تتمرجح مواقفه في هذا الشأن بين المطالبة بضبط النفس أحيانا وأخرى بالمطالبة بتنحي هذا الرئيس أو ذاك، ومواقف وزيرة خارجيته لا تقل ارتباكا وارتجالا في التصريحات الصحفية إلى الحد الذي أضرت بحركة الربيع العربي في كثير من الأحيان، وقلت إن هم السياسة الأمريكية ينصب على أمن إسرائيل من أي تغيير في المنطقة وما عدا ذلك فليذهب مع الريح. أما موقف الاتحاد الأوروبي من الربيع العربي فهو ينصب على التخوف من وصول الأحزاب الإسلامية إلى سدة الحكم، وأنها تخشى سقوط النظم الدكتاتورية العربية الاستبدادية ليحل محلها دكتاتورية الأحزاب الإسلامية. وقلت إن هذا التخوف من الأحزاب السياسية الإسلامية لا مبرر له لسبب واحد أن هذه الأحزاب لم تجرب ولم تعط لها الفرصة لإدارة أي دولة من الدول، وإذا أخذنا بمقاييس الغرب للدولة الإسلامية فالمملكة العربية السعودية تقول إنها دولة إسلامية وهي من الدول التي لها علاقات متميزة مع الغرب وتصف إلى جانب الدول الغربية في محاربة التطرف الإسلامي والإرهاب فأي نظام إسلامي يخاف الغرب منه؟ وذكرت بأن هناك أحزابا سياسية دينية في الكثير من الدول الغربية على سبيل المثال الأحزاب المسيحية الدينية في ألمانيا وإيطاليا والسويد والدنمارك وآخرين وفي إسرائيل التي يتغنى بها الغرب يوجد بها أحزاب دينية يهودية مثل الليكود وشاس، المفدال، يهدوت هاتوراه وغير ذالك فلماذا التخوف من الأحزاب الإسلامية؟ وتناولت القضية الفلسطينية والغرب والربيع العربي، وذكرت فيما ذكرت أنه عقد في دولة خليجية ورشة عمل ضمت عسكريين ومدنيين من دول (النيتوا) وبعض العرب المشتغلين بالسياسة والذين لهم ميول غربية إلى حد ما، وقلت إن هذه الورشة توصلت إلى نتيجة مؤداها " انحسار الاهتمام بالمسألة الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي " لكن الواقع عكس ذلك، كما قلت، وأن مثل هذه التقارير تضلل صناع القرار في أوروبا تجاه العرب ألم يلاحظوا المظاهرات التي اجتاحت السفارة الإسرائيلية في القاهرة احتجاجا عل سياسة إسرائيل وممارساتها؟ ألم يلاحظوا المسيرات الحاشدة التي اتجهت من ميادين الربيع العربي في مصر العزيزة نوح قطاع غزة المحاصر بهدف كسر الحصار وتصدي الجيش لها وردها؟ ألم يلاحظوا الأعلام العربية المصرية والسورية والليبية واليمنية التي رفعت في ميدان التحرير في القاهرة مع جموع المتظاهرين دليلا على اتحاد إرادة الشعب العربي على امتداد هذا الوطن من المحيط إلى الخليج؟ قلت إن العرب لن ينسوا موقف الاتحاد الأوروبي من رفضهم عضوية فلسطين في منظمة اليونيسكو، وموقفهم من عدم قبولهم لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة كعضو كامل العضوية وذلك استرضاء لإسرائيل. إن الربيع العربي وثواره ثاروا على الظلم والاستبداد وعدم الاهتمام بشأن الصراع العربي الإسرائيلي وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة عند بعض الحكام العرب. في نهاية مداخلتي قلت لم تر أوروبا منا نحن العرب أي مكروه. نحن العرب عانينا من الاستعمار الأوروبي البريطاني والفرنسي والإيطالي والإسباني والبرتغالي والهولندي لسنين طويلة وما برحنا نعاني من تأييدكم للوجود الإسرائيلي في فلسطين على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وما برحنا نعاني من الاحتلال الأمريكي للعراق وتأييد إسرائيل على كل باطل ترتكبه في حق الشعب الفلسطيني، وما برحت تهمة الإرهاب تلاحقنا في كل مطارات ومدن أوروبا وأمريكا، وما انفك ديننا الإسلامي ورموزه التاريخية يتعرض للإهانة ووصمه بالإرهاب، لكن أيتها السيدات والسادة بجهود أهل القلم والفكر ومراكز البحث العلمي ومؤسسات المجتمع المدني في أوروبا تستطيعون تغيير الصورة عنا في أوطانكم أما نحن في الوطن العربي فاطمئنوا لن يمسكم منا مكروه ولن يعتدي على مصالحكم أو أشخاصكم في أوطاننا حتى ولو وصل إلى قمة هرم السلطة السياسية. الأحزاب الدينية في أقطار عربية مختلفة تعالوا نبني الثقة بيننا وبين شعوبكم وقادتكم، تعالوا نبني سلاما قائما على العدل والمساواة في كل مكان.