14 سبتمبر 2025

تسجيل

عاصفة ( الجُرْم ) !

02 أكتوبر 2018

بعد سلسلة انتقادات علنية دولية وحقوقية طالت التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة ( غوتيريش ) الأخير بوضع هذا التحالف ضمن ( القائمة السوداء ) التي أسهمت بدور كبير في تزايد الوضع المأساوي في اليمن أعلنت لجنة الخبراء لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أن هذا التحالف  يتسبب فعلياً في خسائر مدنية جسيمة ويرقى بعضها إلى جرائم حرب في هذا البلد المنكوب اقتصاديا وإنسانيا ، وأن الهدف الذي صدر قرار بتشكيله والبدء في عملياته لم يعد الهدف الذي يسعى له هذا التحالف بعد أكثر من ثلاث سنوات من بدء ما سميت بعاصفة الحزم ، ويأتي هذا التقرير الذي أثار حفيظة الرياض وأبوظبي ووصفاه بعدم الثقة وبالمغالطات الكثيرة وأنه لم يشر بأي شكل من الأشكال لممارسات وجرائم الحوثيين في اليمن بعد صدور إحصائية شبه دقيقة عن منظمة ( اليونيسف ) عن تعرض ما يقارب خمسة ملايين طفل يمني للمجاعة وسوء التغذية بالإضافة إلى تقارير تؤكد أن الحرب التي خاضها هذا التحالف أدت إلى تهجير ملايين اليمنيين من قراهم ومدنهم وأن المجاعة في اليمن ستعد أكبر كارثة إنسانية في العالم إلى جانب خطر الكوليرا الذي فتك حتى الآن بآلاف الأطفال والرضع واعتراف الأمم المتحدة بعجزها عن مواجهة كل هذه الكوارث وحدها داعية المجتمع الدولي لإنقاذ هذا البلد من مصير مأساوي قاتم . لم هذا الاحتجاج السعودي الذي خرج على شكل بيان مشترك مع أبوظبي إن كان المتحدث العسكري ( تركي المالكي ) يخرج في كل مرة توجه فيه الاتهامات والانتقادات للتحالف بارتكاب مجزرة ما بحق المدنيين ليعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود ويعد بتعويضات لتتكرر هذه المجازر وتتزامن معها الاعتذارات السعودية؟!.. أليست هذه المجازر ( غير المقصودة ) هي الجزء الأكبر من المعاناة الإنسانية الكبرى التي يتعرض لها الشعب اليمني على يد تحالف السعودية والإمارات ؟!.. ألم تكن حوادث قصف باصات طلاب المدارس الصغار والعمال والأسواق الشعبية والمجمعات السكنية والتي اعترف بها التحالف واعتذر عنها لاحقاً هي الجزء الأكبر الذي اعتمدت عليه تقارير الأمم المتحدة التي تدين مرتكب هذه الجرائم الإنسانية ؟!.. لم استثارهم هذا التقرير الأممي الأخير الذي صدر في وقت لقيت فيه جماعة الحوثيين اعترافا رسميا بكيانهم وإنهم فعلا كما قال الوزير المرتبك ( عادل الجبير ) جزء من النسيج الاجتماعي لليمن وهم فعلا جيرانهم وقد تحول الحد الجنوبي السعودي لمزار دائم لهم يغدون فيه ويأتون براحة وسهولة ؟!.. ألا ترى أبوظبي وتابعتها الرياض أن تحول اليمن من بلد فقير من دول العالم الثالث إلى بلد معدم إنسانيا واقتصاديا وأنه على شفا أن يكون بلدا كارثيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة لم يأتِ إلا بعد أن انطلقت عاصفة الحزم المدمرة عليه في فجر الخامس عشر من مارس 2015 وأنها هي السبب الحقيقي وراء كل هذا باعتبار أن قضية الحوثيين تراوحت منذ سنين وتداولت ما بين مبادرة خليجية لم تفلح ودخول خونة من اليمن ومتآمرين من السعودية والإمارات لتأجيج أدى كل هذا لأن تقرع الرياض طبول الحرب وتستثير شعبها وشعوب الخليج ببطولات اكتشفنا أنها بطولات زائفة لا تخرج عن إطار ( الهياط ) الذي يبدو أنه بات إكسير حياة للسعوديين لا يستطيعون أن يخلعوا جلبابه مهما حاولوا ؟! . نحن أمام بلد عربي مسلم يكاد يُفنى عن بكرة أبيه وعلى يد جيرانه الذين لقيت عاصفتهم يوما ما ترحيبا منا لخداعنا بأهدافها التي حادت كثيرا عن مرماها ونحن اليوم نعتذر لشعب اليمن عن كل موقف منا كان مؤيداً لهذه الحرب التي أعلن ( عسيري ) أنها ستنتهي في أول ثلاثة أسابيع لها فإذا هي مستمرة لأكثر من ثلاث سنوات يحاول ( الجبير ) اليوم أن يجد للتحالف مخرجا من هذه الحفرة التي سقطت الرياض في أتونها الملتهب ، وليس من المستغرب أن نجد المندوب اليمني في مجلس المن يثني على هذا التحالف فقد باتت بلاده مرهونة بيد الرياض وأبوظبي ومن المهم أن تهادن الأبواق اليمنية الرسمية هذا التحالف المحتل الذي أبقى على الرئيس ( هادي ) أسيرا في الرياض لفترة طويلة لم يُسمح له بمغادرة مقره وحين سافر إلى صنعاء كان يؤتمر من قبل قوات الإمارات ولم يستطع أن يخرج عن مسار خطة الزيارة التي وُضعت له في الرياض بل وينتقد هذا التقرير الذي أدان التحالف لأنه لا طاقة له بالخروج عن بيت الطاعة السعودي المفروض فرضا على اليمنيين بدءاً من هادي المنزوع الشرعية والقيمة ونهاية بأصغر جندي موال للشرعية الكاذبة ! ، لذا أنا شخصيا سأجد نفسي ترقص فرحا وأنا أشهد الخيبة الكبرى التي ستخرج الرياض بها من وراء هذه الحرب التي استفادت منها جيدا لا سيما بعد استغلالها الأخير لبحر العرب وباب المندب بعد التهديدات الإيرانية للناقلات السعودية التي كانت تعبر مضيق هرمز وليس عندي شك في قرب هذا اليوم بإذن الله . فاصلة أخيرة: كانت ( حزما ) وباتت ( جُرما ) ! .                                                                                                   [email protected]