12 سبتمبر 2025
تسجيلالدعاية الإماراتية تحاول التلاعب بالعقل الجمعي العربي والسعودية تضلل شعبها بالإعلام والدين حرب اليمن يجب أن تنتهي فوراً مع تحمل السعودية والإمارات لإعادة الإعمار ودفع التعويضات على المجتمع الدولي أن يكون وصياً على السعودية والإمارات لضمان إيقاف آلة القتل وعدم تكرارها هل شاهدت يوماً فيلماً أميركياً عنيفاً، هل شاهدت ذلك البطل الأميركي الذي يقاتل الجيوش وحده حتى يقهرها جميعاً لتحقيق مجده، أم هل شاهدت ذلك الفيلم الأمريكي الذي دائما ما ينتهي بعمل نبيل أو كبير لبطل الفيلم وينتهي بمروره بجانب العلم الأميركي أو ظهور صورة العلم الأميركي في الخلفية البعيدة للصورة الأخيرة، أم هل شاهدت أفلام هوليوود عن فيتنام؟ فكلها إما أن تنتهي بانتصار الجيش الأميركي العظيم، أو تنتهي بهزيمته في معركته يكون المنتصر فيها ذلك الأميركي الشريف الذي وقف مع الفيتناميين في وجه رفقائه الذين لم يحترموا حقوق الإنسان في معركتهم.. فالبطل دائماً أميركي. يقول هوارد زن في كتابه قصص لا ترويها هوليود مطلقاً: لقد استغرق الأمر بالنسبة إلي فترة معتبرة لكي أدرك أن هوليوود لن تنتج أفلاماً مثل التي كنت أفكر فيها. أي أن هوليوود لن تنتج أفلاماً تؤثر في الناس لكي يكون عندهم وعي حقيقي أكثر عن طبقتهم الاجتماعية، أو لكي يكونوا مضادين لفكرة الحرب بصورة أكثر، أو أكثر وعياً بالحاجة إلى المساواة .... (الجندرية) أو العرقية. ويضيف زن: لقد سمعت الرئيس كلينتون يقول: (في الواقع، نحن لم نقصد هذا الشيء، ولكن الإصابات المدنية حتمية عندما تشن الحرب)، لقد كان مصيبا تماما، ما يقودك إلى استنتاجين: إما أن تقبل بالضحايا المدنيين أو أن تلغي فكرة الحرب، وبالطبع كما تعلمون الخيار الثاني لا يمكن التفكير فيه، إن هدفي هو أن يتم إنتاج أفلام تستطيع أن تجعل فكرة الحرب مرفوضة ومقرفة للناس، عندما تتأملون في الأفلام التي أنتجتها هوليوود عن الحرب وهناك مئات ومئات منها وربما الآلاف، فسوف تجدونها دائماً تمجد البطولة العسكرية، هناك استثناءات قليلة يمكن عدها على أصابع اليدين ولكن في الغالب نجد أفلاماً تتحدث عن محاربين أبطال أو بطولة عسكرية أي أنها أنواع من الأفلام لا يمكنها أن تقنع الجمهور الشاب بأنه يجب عليهم عدم تقبل فكرة الحرب وبالتالي عدم المشاركة فيها. أكتب هذه الكلمات وأنا أنظر للإعلام السعودي والإماراتي وهو يحاول إعادة صناعة وعي المجتمع العربي نحو أهداف حربه في اليمن، وتدخله في مصر وليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين وعُمان وغيرها الكثير من الدول. ليس عيباً أن يخطئ المرء، وقد أخطأ ابن سلمان في تقدير الحرب على اليمن وقدرته العسكرية والأضرار الجانبية، وهو ما اتضح لاحقاً لأغلب المشاركين مع القوات السعودية التي شاركت من منطلق الدفاع عن الأراضي السعودية، فتراجعت وعادت من حيث أتت أو حجمت دور مشاركتها في مجال الدفاع البحت عن الأراضي السعودية أو التدريب فقط. لكن التعطش الدموي الإماراتي للحرب وآلة القتل المدمرة التي يمررونها على المدن اليمنية من أجل مكاسب اقتصادية لاحقة بات يتطلب تدخلاً إسلامياً وعربياً ودولياً، بات الأمر لا يمكن السكوت عليه ولا القبول به ولا تبريره. لقد أخطأت الإمارات والسعودية وعليهما فوراً وقف القتل المشترك لليمنيين وللجنود المشاركين في عاصفة وصل غبار حربها لأكبر مدن المملكة وبيوتها، وبات لزاماً على كل طرف منهما تحمل كامل مبلغ إعمار اليمن، وتعويض كل من تضرر من هذه الحرب في اليمن قبل الداخل السعودي والإماراتي، مع ضرورة أن يأخذ المجتمع الدولي من كلتا الدولتين الضمانات الكافية لإيقاف هذه النزعة الهجومية العسكرية والتهور السياسي المشترك لضمان عدم تكراره مستقبلاً من أي منهما. إن العقل العربي في الحقيقة ناتج طبيعي لتعليم ضعيف وسطحي يعتمد على الحفظ والتلقين وتربية تعتمد على عدم المعارضة وقول الرأي في حضور الكبير، وبالتالي فإن هذا العقل يؤمن بما يتلقاه ممن يعتقد أنهم أكبر مكانة منه عائلياً مثل الأب أو العم أو كبار العائلة، أو ممن هم أفضل منه في المكانة الثقافية أو العلمية أو الاجتماعية، لهذا تستخدم السعودية اليوم سلاح شيوخ الدين والإعلام للسيطرة على الوعي الجمعي في الداخل السعودي، بينما تستخدم الإمارات سوط الخوف والعقاب والتنكيل على مواطنيها. يقول نعوم تشومسكي في كتابه الإنجازات الهائلة للبروباجندا: لنبدأ أولاً بالإشارة إلى أول عملية دعائية حكومية في العصر الحديث، حيث كانت أثناء إدارة الرئيس وودرو ويلسون الذي أنتخب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في عام 1916 وفق برنامج انتخابي بعنوان "سلام بدون نصر"، وكان ذلك في منتصف الحرب العالمية الأولى. ففي تلك الأثناء كان المواطنون مسالمين لأقصى الدرجات، ولم يروا سبباً للانخراط والتورط في حرب أوروبية بالأساس، بينما كان على إدارة ويسلون التزامات تجاه الحرب، ومن ثم كان عليها فعل شيء ما حيال هذا الأمر، فقامت الادارة بإنشاء لجنة للدعاية الحكومية أطلق عليها (لجنة كريل) وقد نجحت هذه اللجنة خلال ستة أشهر في تحويل المواطنين المسالمين إلى مواطنين تمتلكهم الهيستيريا والتعطش للحرب، والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني، وخوض حرب وإنقاذ العالم. من الشعارات العاطفية التي كان يتم فيها التلاعب باللغة تلك التي استخدمها الأميركان مثلاً في حرب الخليج الثانية وكانت حملة العلاقات العامة لشحن الشعب تحمل "أيدوا قواتنا"، من في هذا العالم يمكن لبلاده أن تطلق هذا الشعار دون أن يؤيده، ما قيمة هذا الشعار أصلاً، فتأييد القوات أمر بديهي ومستمر من الشعب لقواته، لكن الشعار كان الهدف منه دعم الشعب لحملة قد يرفضها بعض منه أو أغلبه "حرب الخليج الثانية"، لكن معارضة مثل هذا الشعار في أي بلد في العالم تعني أنك تقف ضد البلاد وجيشها، وبالتالي أنت خائن!!. اليوم نفس هذه العقلية الدعائية تدير أزمة حصار قطر، وما أشبه أعضاء لجنة كريل بمن يديرون الأزمة في السعودية والإمارات، فمن عاصفة الحزم للعاصفة التي كانت في الفترة بين 15 مارس إلى 21 أبريل 2015 أعلنت فيها عملية إعادة الأمل.. ما الذي تغير؟ نفس المطبلين للحزم طبلوا للأمل، ونفس المبررين لضرورة الحزم تحدثوا عن جمال الأمل القادم، فلا كان حزما ولا كان أملاً. لقد أعلن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عن اتفاق قطر مع الأمم المتحدة على محاربة مرض الكوليرا في اليمن بدعم مشاريع ذات علاقة بمكافحة أسباب المرض ووقف انتشاره، ودعا المجتمع الدولي للمساهمة في إعمار اليمن، وهو موقف قطر يتكرر في كثير من مناطق النزاع والحروب والكوارث في العالم، حيث يكون الإنسان أول هم للقيادة القطرية، وهو الرسالة التي نرسلها وأصبحنا نعلمها للعالم أجمع، لكن هذه الجهود يجب أن تمشي في خط متواز مع إيقاف الحرب للقضاء على تفشي المرض وانتشاره. في 21 أبريل 2015 أعلنت السعودية عن انتهاء عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، حينما أعلنت وزارة الدفاع السعودية تدمير الصواريخ البالستية والأسلحة الثقيلة التي تشكل تهديدًا لأمن السعودية والدول المجاورة، والتي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح، لكنها ما زالت تتلقى المزيد من القتلى على حدها الجنوبي، وما زالت ترمي المزيد من الضحايا في اليمن بالقنابل والصواريخ، ولا يزال الحوثي يقصفها بصواريخه الباليستية، والأدهى والأمر، أن الإعلام السعودي وشيوخ الدين ما زالوا يروجون لفكرة ضرورة الحزم وجمال الأمل. ستبقى هذه الحرب عاراً في جبين مملكة آل سعود، والتاريخ يشهد على أن اليمنيين لم يضيعواً يوماً ثأراً لهم.. والتاريخ يكشف أن الأيام دول.. ولكل دولة.. زمان ورجال. [email protected]