14 سبتمبر 2025
تسجيللن تذهب سوريا إلى الحل السياسي في ضوء معطيات الوضع الراهن أو في ضوء الفهم الراهن لقضيتها، بل التصعيد العسكري هو الحالة المقبلة، ومن يتصور غير ذلك، فهو لا يدرك طبيعة التغييرات التي جرت في سوريا طوال السنوات الخمس السابقة، إذ انتهى فعليا نظام بشار، وصارت البلاد تعيش حرب تحرير من الاحتلالين الإيراني والروسي والأخير بات يوفر الآن وقودا أشد لاستمرار الحرب.وهكذا، فمهما تحدث كيري عن حل سياسي، وسواء بدل الأوروبيون موقفهم اليوم من بشار ليقولوا عكس ما قالوا من قبل أو ليقولوا في الغد عكس ما يقولون اليوم، وأيا كانت نتيجة لقاء أوباما- وبوتين الخفي منها والمعلن، فكل تلك جهود تجري للتعامل مع وضع وحالة سابقة تخطتها الأحداث على الأرض ولم يعد قائما بالفعل منها إلا كياناتها الشبحية، ولذا لا حل سياسيا مقبلا في سوريا إلا إذا كان المقصود وقوع تسويات بين الطامعين فيها.وإذا كان هناك ما يمكن قوله حول كل هذه الأحاديث الجارية والضجيج العالي حول الحل السياسي والحكم الانتقالي وبقاء بشار رئيسا أو حتى طرطورا، فكل ذلك لم يعد يكفي لوقف القتال، إذ سوريا بات بلدا محتلا من إيران وميلشياتها وروسيا وعسكرها، ووفقا لوقائع التاريخ، فقد تخطى الأمر بشار وحكايته وبات الحال يتعلق بحرب تحرير سوريا، فإن حلت مشكلة بشار ونظامه بطريقة التراضي بين الدول الكبرى، فالسؤال الجاري هو ماذا عن الاحتلالين الإيراني والروسي..إلخ؟وواقع الحال، أن كل هذا الحراك الروسي والأمريكي والأوروبي لم يأت على أرضية حل قضية الثورة والشعب والأرض، ومن بعد هو حراك لاعلاقة له بتحرير سوريا، بل جاء كله بسبب الوتائر العالية لنشاط الثورة اقترابا من حسم قضيتها، فلم يجر تصعيد الدعم الروسي والانتقال من حالة الدعم إلى حالة الوجود القتالي إلا بسبب فشل قوات بشار وإيران وميلشياتها في مواجهة حالة الصراع العسكري الجارية بوتائر كبرى في المرحلة الأخيرة.كما لم يجر الحراك الأوروبي إلا بعد أن تفجرت سيول الهجرة إلى أوروبا وبعد أن تأكدت حكوماتها، أن لا مكان لها في سوريا المقبلة بحكم التغييرات وتحولات الصراع على الأرض.. ولم يجر التحرك الأمريكي، المستعجل الآن" الأعلى خلفية الوجود العسكري الروسي والتحالف العسكري الذي أعلن بين روسيا وإيران وقوات بشار في سوريا وقوات العبادي والحشد الشعبي الإيراني الطائفي في العراق وميلشيا نصر الله.. تحركت أمريكا بحثا عن مصالحها لا حلا لأزمة الثورة السورية.ولذا، فكل يغني على ليلاه من هؤلاء، ولا أحد منهم يتحرك دعما للثورة السورية.. هؤلاء يتحدثون عن تسويات فيما بينهم للحفاظ على مصالحهم في سوريا، ولا يتحدثون عن حل للشعب السوري ولا لقضية الثورة ولا لقضية الاحتلال -وبديلها التحرير-إذ لا فائدة إن غادر بشار وظلت قوات روسيا وميلشيات إيران محتلة لسوريا. يتحدثون عن تسويات تحفظ مصالحهم هم المتصادمة جميعها مع تطلعات الشعب السوري في التحرر مدعوما بالمخلصين من الأمة.والأدهى والأمر والعنوان الحقيقي المتمم لفشل كل تلك التحركات، هو أن نصبت الولايات المتحدة نفسها متحدثا باسم المعارضة في سوريا، إذ باتت تتحرك وكأنها الطرف الآخر في معادلة الصراع، دون أن يفوضها أحد للحديث بتلك الصفة ودون أن تقدم هي ما يمنحها هذه الصفة، بما يجعل دورها أقرب إلى وضع المحلل للاحتلال الإيراني والروسي.سوريا في مرحلة الحسم والمعارك العسكرية ستتصاعد، وكل ما يجري من مفاوضات وضجيج دبلوماسي، أمر لا علاقة له بمواقف الأطراف المسلحة الفاعلة على الأرض السورية، إلا إذا كان الأمر كالتالي: مفاوضات واتصالات هدفها إقصاء الفاعلين على الساحة الثورية أو العسكرية لكن ليس على طريقة مواجهة داعش، بل على طريقة اقترابية متحركة، تسمح للأطراف الدولية من الاتفاق على نظام خليط بين ممثليها أو حتى عملائها- على غرار الحكم الذي شكلته الولايات المتحدة في العراق عقب احتلالها -يكون هو أداتها في شن الحرب على الأطراف الثورية لإجهاض الثورة السورية.