15 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد الإسلامي.. الواقع ورهانات المستقبل

02 أكتوبر 2013

يشير واقع الاقتصاد الدولي إلى تحولات عميقة قد تشهدها الخارطة الاقتصادية الدولية الراهنة خلال القرن الحالي، حتى وإن لم تقع فلا يمكن تجاهلها خصوصا وإن كانت كل الدلائل والمؤشرات تسير باتجاهها وهو واقع كانت تخافه النخبة المتحكمة برأس المال العالمي منذ وقت ليس بالقصير وإن كان لا يمنع حذر من قدر، إلا أن حالة التدهور التي عرفها الاقتصاد الرأسمالي جملة وتفصيلا قد تزيحه عن الصدارة مستقبلا مما قد يحد من هامش ضغوطه ويحوله من لاعب أول في المنظومة الدولية إلى لاعب ثانوي، وهذا يعني اضطرار صانعي القرار إلى مراعاة الحكمة عند التفكير في خياراتهم الممكنة لسد الثغرات التي يعاني منها الاقتصاد، حينها سترى تلك التحولات النور وتكون بداية لتراجع الاقتصاد التقليدي وانطلاقة لإرساء خارطة اقتصادية جديدة عوضا عن التقليدية. ومن المفترض أن تكون نتيجة تلك التحولات ميلاد أقطاب اقتصادية جديدة من بينها الاقتصاد الإسلامي نظرا لمعدلات النمو الجيدة التي يشهدها والضوابط العديدة التي تعمل وفقها منظومة العمل المالي الإسلامي حاليا، والتي من شأنها أن تتفادى الكثير من الأزمات والمشاكل التي تنتج غالباً عن بعض الممارسات في المعاملات وفق نظام الاقتصاد التقليدي.. وسنتطرق في هذا المقال إلى تعريف الاقتصاد الإسلامي وإلى المكاسب التي أحرزها في الوقت الراهن والأفق المستقبلية له.يعتمد الاقتصاد الإسلامي على القاعدة الفقهية التي تقول: إن الأصل في المعاملات الإباحة، انطلاقا من القاعدة الشرعية " أن الشريعة مبنية على التيسير ورفع الحرج " فكل ما لم يرد نص في تحريمه فهو مباح، يقول تعالى { ما جعل عليكم في الدين من حرج }. كما أن الاقتصاد الإسلامي، لا يحرم ولا يبيح إلا درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة عامة أو خاصة. من هذا المنطلق انبثقت الصيرفة الإسلامية وتطورت بشكل كبير خلال فترة وجيزة، فبينما لم يكن هناك سوى مصرف إسلامي واحد قبل ثلاثة عقود، فإن هناك حوالي ستمائة مصرف إسلامي حول العالم في الوقت الراهن يقدر الخبراء حجم أصولها وودائعها بأكثر من 500 مليار دولار بتوقعات تصل إلى تريليون دولار في عام 2012 أي بزيادة سنوية تتراوح ما بين 10 و20 %. تعمل وفقا لمنظومة العمل المالي الإسلامي والتي من شأنها أن تتفادى الكثير من الأزمات والمشاكل التي تنتج غالباً عن بعض الممارسات في المعاملات وفق نظام الاقتصاد التقليدي. وقد استطاعت بذلك تحقيق احتياجات الأفراد والشركات والمجتمعات من خلال مجموعة متنوعة من الصيغ والعقود تناسب كافة الاحتياجات تدعمها قدرة عالية على توفير التمويل، خاصة للمشاريع الكبرى ذات الطابع التنموي التي تساهم في رقى الشعوب وتطورها، وأصبحت بذلك تحظى بقبول واسع في الأسواق الدولية واتجهت العديد من جامعات العالم الكبرى إلى تدريس مناهج الاقتصاد الإسلامي، كما أن المنظمات والهيئات العالمية أصبحت تتابع أعمال المصارف الإسلامية وترصد الجوائز تقديراً لنجاحاتها بعد التوسع والانتشار الذي عرفته من المحلية إلى الإقليمية والعالمية، فبحسب آخر الدراسات فإن المصارف الغربية قد أظهرت تزايدا في الاهتمام بالتمويل الإسلامي الذي ينمو بأكثر من 15 % سنوياً في العالم، في حين أن المصارف الغربية ليست مهيأة للتعامل مع هذه الإمكانات الهائلة لعدم وجود المنتجات المصرفية المواكبة لشروط الشريعة الإسلامية، وهو ما أثار اهتمام المصارف التقليدية العالمية كون ذلك ينمو على حساب تراجع حصتها من السوق المصرفي، الأمر الذي يدفعها إلى دخول هذا الميدان حفاظا على عملائها الحاليين والحصول على نصيبها من أرباح هذا السوق المتنامي، وكان صندوق النقد الدولي أشاد في تقريره الصادر نهاية العام الماضي بحالة التوسع السريع للتمويل الإسلامي الذي أدى إلى حدوث طفرة تستحق الاهتمام، مشيراً إلى الزيادة في إصدارات الصكوك بقيمة ارتفعت من 2.7 مليار دولار عام 2004 إلى 29 مليار دولار عام 2007.الاقتصاد الإسلامي إذا يسير في الطريق الصحيح ويحرز معدلات نمو جيدة، خاصة أن كافة العوامل والدلائل تشير إلى استمرار هذه الوتيرة الإيجابية للعقود القادمة لكنه مع ذلك سيشهد منافسة قوية من قبل الاقتصاد التقليدي نتيجة الإقبال الكبير عليه، خاصة أن ما يزيد على 60% من المسلمين المقيمين في الغرب يرغبون في المعاملات المصرفية وفق الشريعة الإسلامية الأمر الذي يجعل هذه المصارف(التقليدية) بين مطرقة المشاركة وسندان المجابهة إضافة إلى التحديات المزمنة سواء المتعلقة بالقوانين والتشريعات المتأخرة نسبيا والتي ينبغي مواكبتها للتطور والمخاوف التي تعتري العديد من المسلمين خشية الوقوع تحت الرقابة الأمنية إضافة إلى صعوبة فهم المعاملات المالية وفق الشريعة الإسلامية في الغرب والتي تعتبر من العوائق التي تقف أمام تطبيقها بشكل كامل.