19 سبتمبر 2025

تسجيل

ميزة قطر النسبية التي يجب أن تلتفت إليها

02 سبتمبر 2019

تتسابق دول الخليج العربية بشكل واضح فيما يسمى بالانفتاح على الحياة الغربية بمفهوم حرية ناقص بطبيعته، إلا أنه فيما يتعلق بهذه المرحلة يبدو مهما، ويعمل على إطالة عمر الحالة السياسية القائمة حالياً، حيث يبدو التغيير في جوانب المجتمع، وفي إطار حريته في التصرف والاختيار بين بدائل متاحة «متعوية» الطابع بالذات . الذي يلاحظ سرعة خطى هذا الاتجاه، في السعودية بالذات، يدرك تمام الإدراك أنها تريد أن تعوض ما فاتها من الانفتاح في تخوم الدين، أو الفهم الديني، الذي كان سائداً ومتبعاً ضمن عقيدة المملكة السياسية التي كانت مرتبطة أساساً بنظرة معينة لفهم الدين، بما يحفظ الجانب السياسي من المساس، بل ويضفي عليه جانباً من القداسة . ويظهر أنها تحقق نجاحاً واسعاً وسريعاً، من جانب آخر فإن دولة قطر، وإن كانت قد سبقت السعودية في الانفتاح «المتعوي» «من المتعة» ولبرلة الحياة مادياً وثقافياً، بما حقق لها سبقاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، إلا أن انفتاح السعودية وحجمها وتنوع ثقافاتها، عامل حاسم للتقدم أيضاً في هذا المجال، ومع ذلك لا يزال لدى دولة قطر ميزة نسبية كبيرة تتفوق على الجميع، فيما لو اتجهت إليها، وهذه الميزة هي في الانفتاح، ليس فقط على الصعيد الاجتماعي، وإنما أيضاً على الصعيد بين المجتمع والسلطة، وإبراز قنوات تفاعل واتصال أوسع دستورياً وبرلمانياً، لما لدولة قطر من ميزة نسبية لا تتحقق لغيرها من هذه الدول بما فيها المملكة أو الإمارات. ويمكن الإشارة إلى بعض تفاصيل هذه الميزة التي لو استغلت لأحدثت بوناً شاسعاً لا يمكن اللحاق به في المستقبل المتوسط المنظور : أولاً: التجانس الكبير بين فئات المجتمع القطري، من عوائل وقبائل وجماعات وتاريخ، هذا التجانس ومدى ارتباطه بالفرد القطري كعقيدة سياسية. ثانياً: العلاقة الأقل عنفاً من بين جميع دول المنطقة، بين المجتمع والسلطة، وجميع التغيرات والانتقال السياسي كان يتم في إطار ضيق، دون تدخل أياً كان نوعه من المجتمع في ذلك .»لست هنا لتقييم ذلك وإنما فقط للإشارة إلى أنها ميزة في اتجاه معين يمكن استغلالها لتحقيق تقدم في هذا المجال بالذات حيث قد يبدو المجال الاجتماعي وحده نسبياً في صالح الأكبر والأوسع خيارات» . ثالثاً: النظام الاجتماعي للدولة في قطر أفضل الأنظمة تقريباً في دول الخليج حتى الآن، حيث المساعدات الاجتماعية، وتوزيع الريع بشكل يحفظ قدراً من الحياة الكريمة للجميع. ثالثاً: عدم وجود تاريخ للعنف بين مكونات المجتمع القطري ذاته من قبائل وعوائل، فليس هناك أي نوع من النزعة الانتقامية ترى في انتهاز الفرصة مجالاً لتحقيق الذات، أو إعادة الاعتبار لها، وتاريخ انتقال السلطة في قطر يشهد بذلك . رابعاً: الانفتاح الإعلامي الأسبق في المنطقة، والذي جعل من إعلام البقية مجرد ردود أفعال، يحتاجون لكي يخرجوا منها إلى صدمة حقيقية، لو اختفت الجزيرة مثلاً يحتاج إعلامهم إلى إعادة هيكلة قد تحدث تبدلاً وتغيراً يرفضه الكثيرون، فهو إعلام مزايدة في طبيعته، استطاع المجتمع القطري استيعابه لتجانسه وطبيعة علاقته بالسلطة فقط، وهو ما لا قد يتوافر لهم لاختلاف الطبيعة كما أشرت، وكذلك العلاقة وتنوع الثقافة . خامساً: قطر لا تعاني من جذب أو تجاذب الأطراف أو الهوامش المحيطة بها، فهي مركز جذب قبل الأزمة وبعدها لما حولها من هوامش، بينما بالنسبة للسعودية مثلاً فهناك بين المناطق مصادر للجذب الخارجي سواء العرقي أو الديني الكثير. سادساً: هدوء العلاقة بين العائلة الحاكمة وتوافقها فيما بينها، مقارنة بما يحصل في السعودية أو الإمارات مثلاً، مما يعطي مجالاً للتحرك بكل ثقة واطمئنان . هذه بعض نقاط الميزة أو الميزات النسبية لدولة قطر التي تجعلها قادرة على التحرك على الصعيد السياسي، وليس فقط الصعيد الاجتماعي الترفيهي، الذي إذا استمر وحده فسيجعل من السعودية عالماً «لاس فيغاسياً» بامتياز؛ لأنه سيجمع بين القداسة والدناسة على صعيد واحد، وهو هنا سيبدو ميزة نسبية كبيرة، وليس خلقاً دينياً واجتماعياً سيئاً كما يظن البعض، لأن العالم اليوم يتجه نحو التناقض المحموم والتنافس في اللامعقول كدليل على الحداثة، انتهى عهد الروايات التاريخية الكبرى. [email protected]