16 سبتمبر 2025
تسجيلتطوير البنية التحتية لتقنيات الأعمال يبدو أننا مقبلون على تحولات جذرية في بيئة الاقتصاد والأعمال. فبعد الحديث عن الرقمية والتكنولوجيا المالية والعملات الرقمية والحوسبة السحابية، يكثر الحديث هذه الأيام عن الذكاء الصناعي، حيث تلاحظ دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي إنه بات يحدث تحول جذري في نماذج الأعمال السائدة. ويعرف الذكاء الصناعي بأنه سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. ومن أهم هذه الخاصيات القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة. إلا أنَّ هذا المصطلح لا يزال جدليا نظراً لعدم توفر تعريف محدد للذكاء. ويبدو أن دول التعاون ليست بعيدة عن التفاعل هذه التطورات، حيث شهدت صلالة الأسبوع الماضي أعمال المؤتمر الأول للاستدامة الذكية، افتتحها وزير البيئة والشئون المناخية العماني السيد محمد بن سالم التوبي بكلمة ضمنها معالم الإستراتيجية العمانية للتعامل مع هذه التطورات عبر تشجيع المؤسسات التي تقدم حلولا ومنتجات مستدامة وذكية تستند على اﻟﺗﻘﺎﻧﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ إلى جانب تركيزها على إحدى أبرز تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وهي الذكاء الاصطناعي الذي يعني بتعزيز الذكاء الإنساني الطبيعي عبر التزود ببرامج تحليل البيانات والاستفادة منها في تيسير وتحسين عملية اتخاذ القرار. وحدد الوزير سبع خطوات لمواكبة السلطنة للذكاء الصناعي تتمثل في القيادة المتناغمة والاستدامة الذكية والإسهام بقدرات الإنسان والقدرات الرقمية التخصصية وتنفيذ برنامج وطني لتشجيع المؤسسات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وتحويل السلطنة لمركز تميز للمؤسسات التي تدمج بين الحلول الذكية والمستدامة، ووضع مؤشرات أداء متصلة مباشرة بالأهداف والنتائج الرئيسية. والخطوة السابعة والأخيرة هي تعلم القيادات للذكاء. وتشير دراسات نشرتها شركة الخدمات العالمية بي دبليو أس إلى تزايد حصة الذكاء الصناعي من الاقتصاد العالمي يومًا بعد يوم، وأنه سيساهم في التحولات الاقتصادية في العالم بشكل كبير بحلول عام 2030، حيث تقدر حجم مساهمته في الاقتصاد العالمي بحلول هذا العام ما يُقارب الـ 15.7 تريليون دولار، وستكون حصّة العالم العربي منها 2%، أي ما سيعادل 320 مليار دولار، ويعادل هذا الرقم 11% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مجتمعة. ورغم نسبة العالم العربي الضئيلة، فإن الدراسات تشير إلى أنّ دول التعاون الخليجي ستحظى بأكبر حصّة من هذه المبالغ من خلال انتشار استخدامه في قطاعات الخدمات المالية والرعاية الصحية وصناعات النقل والتخزين، وحتى القطاعات التي تتطلب عمالة كثيفة من التعليم والبناء. علاوة على توجه دول التعاون نحو تطوير البنية التحتية لتقنيات الأعمال وخاصة الخدمات المالية والاتصالات والبحوث. لكن دراسة صندوق النقد الدولي تبنه إلى التحديات التي تصاحب توجه بلدان العالم الثالث بما في ذلك بلدان دول التعاون نحو توسيع الاعتماد على الذكاء الصناعي. فهو صحيح يتيح لها فرصا لتقوية اقتصادياتها وجني الثمار التكنولوجيا الرقمية – أي المكاسب الاقتصادية التي يحققها التحول الرقمي، لكن ينبغي على صناع السياسات معالجة الاضطرابات التي تُحْدِثها الأتمتة والروبوتات عن طريق دعم خلق فرص العمل دون خنق الابتكار، وهو توازن دقيق يسهل الحديث عنه أكثر من تحقيقه. لذلك لا بد من تبني السياسات الملائمة لتحقيق هذا التوازن. ومن بين هذه السياسات تسليح الباحثين عن وظائف بمجموعة من المهارات القادرة على المنافسة عالمياً عن طريق إصلاح التعليم. وكذلك ضرورة الاستثمار في البنية التحتية المادية والتنظيمية التي تدعم ريادة الأعمال والابتكار والمنافسة، إلى جانب معالجة تحديات سوق العمل والتحديات الاجتماعية، بما في ذلك إعادة توزيع الدخل وشبكات الأمان الاجتماعي.