14 سبتمبر 2025

تسجيل

لن نسمح بإقامة دولة في غزة

02 سبتمبر 2014

قالها عباس، أقصد "الرئيس محمود عباس" أو على الأقل الأخ أبو مازن كما هو العرف الفتحاوي في منظومة المتاهة الفلسطينية التي بدأت ثورة وثوار وانتهت ثور له خوار، فالسيد عباس في كلمة له الأحد ومن " إقليم رام الله والبيرة " أعلن أنه لن يقبل بإقامة دولة وحكومة منفصلة في قطاع غزة، وذلك خلال خطاب حماسي، لا علاقة له بحماس، اجتر فيه ذات الكلام الفارغ للنسخ الرديئة من خطابات الراكبين على أكتاف الغوغاء والمغفلين، حيث فاضت عبارات التمجيد للثورة وفلسطين والدولة الفلسطينية المحررة وعاصمتها القدس الشرقية وغيرها من العبارات المكررة المستهلكة، فاضت عن وعاء الحقيقة الذي يعرفها عباس جيدا. إن إسرائيل لم تقبل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة في زمن كان العرب جميعهم أعداؤها أو أغلبهم على الأقل، والعالم كله يجادلها، والفلسطينيون جميعهم يد واحدة قابضة على سلاح المقاومة، فكيف ستوافق اليوم بسهولة وأغلب العرب أصدقاؤها المخفيين وشركاؤها في القضاء على من يكرهون، ومهما نافق السيد عباس لغايات تمرير ورقته لدى حكومة نتنياهو فلن يرضوا عنه كثيرا.عندما يقول السيد عباس: لن نسمح لحماس بإقامة دولة في غزة، فهو يضع نفسه ببغاءً في القفص الإسرائيلي، ومع هذا فهو لن يستطيع أن يمنع أي إنسان في العالم من الضحك على سذاجة تلك المفاجأة الكبرى "لن نسمح"،وهل تسمح له إسرائيل أن يمر عبر معبر الكرامة الأردني ليقضي معظم أيامه في قصره بضاحية عبدون الراقية جنوب العاصمة عمّان إلا إن وافق ضابط الارتباط الإسرائيلي على الحدود؟ إذا ما الداعي أن يفرد عباس عضلات لسانه ضد حماس سوى المناكفة وتثبيط معنويات أهل غزة والضفة الذين يدركون أكثر من غيرهم أن المقاومة المسلحة فقط هي اللغة الوحيدة التي يفهم معناها الخصم اليهودي المتطرف في تل أبيب.ومن عباس الرئيس إلى عباس زكي الآخر الذي لم يفوت الفرصة لإكمال مهمة الإعلام التعبوي الإسرائيلي حين يصرح بأن حماس قامت بالتنكيل بكوادر حركة فتح في غزة وأنها قامت بأعمال تقشعر لها الأبدان ضد أنصار حركة فتح، ألا يفتح عباس الآخر عيناه ليرى من يملك الأنصار اليوم، ألم يرى أوروبا الشعبية وأميركا اللاتينية والعالم الإسلامي في آسيا فضلا عن العرب كيف وقفوا مناصرين لغزة وأهل غزة وحماس والجهاد الإسلامي الذين صمدوا أمام واحد وخمسين يوما من الجحيم الحاقد الذي صبته طائرات الجيش الصهيوني فوق رؤوس أهل غزة، ألا يخجلون من دماء الشهداء الذين دفعوا هم وعائلاتهم وبيوتهم وأطفالهم ثمن البقاء والرفاه الذي تمارسه طبقة الحكم في رام الله وأريحا وهم ينظرون للجنود الجيش الإسرائيلي كيف يقتلون أطفال وشباب الضفة لأنهم تظاهروا ضد الحرب القذرة على أشقائهم في غزة؟عباس الرئيس قال قبل ذلك أن أي دعم أو إعادة إعمار لقطاع غزة لن يمر إلا عبر سلطته، حسنا وهل يملك أن يسّرع في إدخال مواد البناء على الأقل إلى غزة قبل حلول الشتاء القارس الذي أصبحنا اليوم نشم رائحته الندية في أول يوم من شهر سبتمبر سبتمبر، وهل سيجبر إسرائيل على قبول إدخال كل ما يحتاجه القطاع دون تعطيل وفحص وفرز من قبل قوات المخابرات الإسرائيلية أو جيشهم، فلماذا بعد كل هذا العمر الشقي والزمن المرّ والسنين الطويلة من صراع طواحين الهواء الدونكيشوتية الفارغة ما زال يعيد رئيس وأعضاء حركة فتح ذات الخطاب البائس المنافق لإسرائيل ؟!حماس قاتلت على الأرض وقتل منها قادة، ومع هذا تلعب دور الدولة بكل حرفية فجيشها الشعبي على أرض غزة، وقادتها السياسيون خارج بلاد الشام كلها، ويتواصلون عبر الهواتف ومع هذا فإن تنسيقهم واحترامهم للتراتبية والبروتوكول والبرنامج السياسي لحركة حماس والتصاقهم فعلا بشعبهم جعل منهم قادة حقيقيون يرهبون إسرائيل وأصدقائها، وأحد أسباب الحرب على غزة هو موافقتهم على الانضمام لحكومة التوافق مؤخرا، في المقابل حركة فتح وسلطة رام الله خسرت آخر ورقة توت تستر عورتها، وأعضائها ورئيسهم لا يحترمون بعضهم بعضا بالمناسبة وهم في قاعة مكيفة واحدة.للعلم فقط فإن آخر اجتماع لقيادة فتح قبيل الاتفاق على حكومة التوافق مع حركة حماس، نشب جدل صاخب بين محمود عباس وشيعته وبين معارضين داخل الجلسة، وسمع عباس من الشتائم ما سمع، حتى وصل الأمر إلى أن يخلع توفيق الطيراوي الحذاء ويرميه صوب عباس، حيث حدث اشتباك بالأيدي، وهذا حسب راوٍ رفيع المستوى ومطلع على التفاصيل، ومع هذا فإن عباس لا تزال لديه الفرصة لأن يكون مع شعبه، وأن يستخدم ذكاءه السياسي لتغيير قواعد اللعبة لصالح 380 ألف مشرد في غزة ليكونوا من شعب دولته ليحقق لهم أولا إعمار بيوتهم وخدماتهم العامة بعيدا عن مناكفة حماس ودولة القوة التي تملكها.