19 سبتمبر 2025

تسجيل

دور السوشيال في التغيير السريع.. زنون والعجارمة أنموذجاً

02 أغسطس 2022

كشفت الاستجابة السريعة للمؤسستين الإعلاميتين قناة تي آر تي التركية وفرانس 24 في إيقاف أو طرد إعلاميتيهما كانتا أساءتا للسوريين ولثورتهم بمستويات مختلفة، كشفت عن مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثير مستخدميها في القدرة على خلق رأي عام مؤثر وسريع وعاجل وضاغط على القنوات الفضائية بحيث يتم وقف عاجل وسريع ودون تأخير لإعلاميتين لديهما، وهو أمرٌ لم يكن وارداً بهذه السهولة، لو لم يرافقه حملة إعلامية شنها إعلاميون وناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مما أوجد رأياً عاماً مناهضاً. كانت المذيعة أحلام العجارمة الذي أنا شخصياً لم أسمع بها من قبل لولا القصة التي فبركتها عن اختطاف ابنها، محمّلة إدلب الحلقة الأضعف اليوم في توجيه الاتهامات بحقها في مسائل وقضايا كهذه، ليظهر بعد ساعات ويكذبها زوجها، ويعلن للملأ بأن الولد كان عنده الذي سبق وقد طلّق زوجته أحلام، والتي لم تجد أحداً "تفشّ خلقها" فيه إلاّ مدينة إدلب التي تزامن اتهامها لها، بوليمة شواء خمسة أجساد من أطفالها بطيران المحتل الروسي!!، والأطفال الخمسة بعضهم على الأقل، بعمر ابنها التي ادّعت خطفه، ورغم إعلان زوجها كذب وفبركة القصة من أساسها، وما رافق ذلك من الضجة الكبيرة التي أحدثتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وخديعتها لمؤسسات إعلامية كبرى نقلت الخبر، ثقة بها على أنها إعلامية تعمل في قناة محترمة، إلاّ أن ذلك لم يحرّك في جسدها شعرة واحدة في أن تعتذر عما أقدمت عليه وهو بالأصل يمسّ شخصيتها الإنسانية أولاً ثم الإعلامية، ويمس كذلك مؤسسات إعلامية وقيما إعلامية من المفترض أن تلتزم بها. فجاء قرار القناة التركية بوقفها عن العمل، ليضع حداً لاستغلال المهنة في تسجيل نقاط شخصية. أما المثال الآخر الذي استأثر باهتمام الناشطين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية فكان جبهة أخرى، لكنها هذه المرة قناة 24 فرنسية والتي لم تجد إلاّ مراسلة تلفزيون البراميل المتفجرة ومسالخ قيصر، ونظام الكيبتاغون رنا زنون المعروفة بتبجحها وعلى الهواء مباشرة في دعم العصابة الطائفية بقتل وسحل الشعب السوري، فقامت بتعيينها مراسلة لها في دمشق، مما تسبّب بعاصفة انتقادات حادة ضد القناة، أرغمتها بعد 48 ساعة على صدور التعيين على طردها من عملها. هذان الحدثان أثبتا للسوريين ولغيرهم أن الكلمة مسؤولية، وأن التفاعل على السوشيال ميديا ليس ترفاً، وليس ضياعاً للوقت، خصوصاً وأن مؤسسات إعلامية كبرى مثل القناة التركية والقناة الفرنسية استجابتا للضغوط، وهو ما يوفر لنا وللأحرار في ربيع الثورات العربية فرصاً مهمة ونوافذ لا تزال مفتوحة في إيصال أصواتنا، بل وتغيير المشهد، فلم يعد الإعلام الرسمي الاستبدادي هو من يرسم المشهد، في ظل انفجار معلوماتي، وانكباب حتى أشخاص في عقود متأخرة من حياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن هجروا المحطات الفضائية، وهو ما عزز دور منصات التواصل الاجتماعي على حساب مؤسسات الإعلام الرئيسية. تظهر قيمة الإعلام الشخصي، أو ما أطلق عليه إعلام المواطن، حين تتصفح حسابات بعض الفضائيات فلا تجد تفاعلاً مع تغريداتها، وقد تخلو بعض التغريدات من إعادة التغريد لمرة واحدة، وهو ما يعكس ضعف ثقة حتى العاملين فيها بالمحتوى الذي يقدمونه، بالمقابل نرى تفاعلاً ضخماً مع حسابات شخصية وكأنه بمقياس تفاعل المؤسسات الإعلامية لا يقارن، مما يعكس مؤشرات على تراجع ثقة الرأي العام ببعض المؤسسات الإعلامية وتوجهاتها، وهو ما يستوج أن يقرع أجراس الخطر في الغرف التحريرية لهذه القنوات، فالإصرار على معاداة الشعوب وربيعها وحريتها وديمقراطيتها سيكون له أثمان كبيرة، لاسيما بعد أن انحازت الشعوب العربية إلى ربيعها وحريتها وكرامتها. أتذكر أن شخصية كبيرة ظهرت على قناة فضائية غير مشهورة وهو يقدم حلقات عن حياته، ليفاجأ أنه لم يتابعها أحد، ولم يسأله أحدٌ عنها، فضلاً أن يتفاعل معها أحد على منصات التواصل الإجتماعي، وأجزم لو أن هذه المادة التي قدمها ظهرت على حسابات شخصية لكان تفاعلها ضخماً جداً. اتخاذ التويتر وغيره من إحدى المدن العربية مقراً له عكس مدى أهمية هذه المواقع الاجتماعي، وأظهر بالمقابل خوف وخشية الاستبداد العربي من هذه المنصات، فقد بان لكل ذي عينين مسألة التلاعب باللوغاريتمات للتويتر ولغيره، حيث بدا يشكو الكثير من المغردين من تقييد حساباتهم، مما أفقدهم متابعين بشكل يومي، أو تم حجب تغريداتهم عن متابعيهم، وهي عملية بالمجمل تعكس مدى تأثير الإعلام الاجتماعي، وتأثير المغردين المستهدفين من وراء هذه العملية، الأمر الذي يستلزم أن يدعم المغردون الأحرار بعضهم بعضاً عبر دعم الحسابات المستهدفة وغيرها. لقد رأينا تماماً كيف لجأ الفيس بوك إلى محاربة الثورة السورية وغيرها حين استهدف كل من يكتب أو يشير إلى الثورة، أما اليوتيوب فكان أشرس منه حين حذف مقاطع الثورة السورية، وكل ما يتعلق بجرائم النظام السوري، فكانت عملية غسل لجرائم النظام قامت بها منصة اليوتيوب، وهو ما عكس مدى الألم الذي لحق منظومة الاستبداد العربي، مما دفعها إلى الصراخ عبر حذف كل هذه المقاطع. ما أُصطلح عليه بالذباب الإلكتروني غدا مصاحباً لجميع الدول، وقلّما تجد دولة ليس لها جيش الكتروني يقوم بالتجسس والتجسس المضاد جرياً على أصول عمل المخابرات التقليدية، وهي جيوش الكترونية محترفة باتت تقوم على دراسة المحتوى المضاد للرد عليه، والذي تأكد اليوم تماماً أن منصات التواصل الاجتماعي بعد أن كانت في بداية الربيع العربي منصات للحرية والديمقراطية، تحوّلت بعد فترة إلى أدوات للإستبداد والقمع ومساندة المحتلين والمستبدين، وربما ما حصل بغزو روسيا لأوكرانيا قد خفّف بعض الضغوط على المغردين والفيسبوكيين الذين يهاجمون بوتين، لكن ذلك فقط من أجل عيون أوكرانيا، وإلاّ لولا الحدث الأوكراني لكان من الصعب على هذه المواقع أن تتساهل مع ما يتم نشره اليوم عن روسيا وبوتين وحلفائهم. ‬