16 سبتمبر 2025

تسجيل

ظاهرة انقراض الحمير

02 أغسطس 2021

مسؤول يدعو أخاه المسؤول، هذا هو عنوان المرحلة الصيفية في معظم دولنا العربية، لمحة سريعة على الأخبار السياسية والعناوين الرئيسية العربية تعطيك هذا الانطباع، حيث "المسائيل" يدعون بعضهم البعض، لحل الأزمات الداخلية بالحوار، وكأنه نموذج خطي مطبوع سلفا ومعد مسبقا، يغير فيه الكاتب فقط اسم "أخيه المسؤول"، ومن ثم يوزعه على وكالات الأنباء. ربما هذه الدعوات نابعة من التزامنا في جامعة الدول العربية بعدم التدخل في شؤون بعضنا البعض الداخلية، أو لانشغال كل مسؤول بتداعيات الجائحة التي شكلت وما زالت تشكل له مخرجا دوليا وقانونيا لتشديد الإجراءات الاحترازية بالشكل والقمعية في المضمون. أود كتابة أسماء هؤلاء المسؤولين، ولكن أترك لكم متعة استكشاف ذلك في عناوين الصحف. الصحف اللبنانية جفت وما انفكت تنشر معاناة الشعب اللبناني الذي يواجه أزمات وجودية، حيث لا هدف، لا رؤية وطنية موحدة، لا هوية واضحة، ولا مصير مشترك. أكثر من 200 قتيل و6500 جريح في انفجار مرفأ بيروت وما زال قاتلهم حرا طليقا، يتخذ من شاشات التلفزة منبرا، يخطب فينا وحلفائه ليلا ونهارا، ويدعونا للصبر والصمود والتحدي، والتضحية من أجل الوطن، هذا القاتل لا يختزله شخص، ولكنه يجسد منظومة فساد مترابطة ثقافيا، اجتماعيا، اقتصاديا، سياسيا، ونفسيا. التغيير آت لا محالة، لأن شركات التنقيب عن النفط الدولية، والشركات الطامحة لإعادة إعمار سوريا، وغيرها من الشركات وقوى الضغط الاقتصادية، لم تعد راغبة بالتعاون مع سحرة فرعون، الذين يتقاسمون الحصص بوقاحة، وبشكل يشوه الصورة الذهنية لهذه الشركات والدول الداعمة لها. بعض الدول تشهد ظاهرة إصدار نتائج فحوصات كوفيد-19 السلبية دون إجراء اختبار لا سيما للمسافرين؛ حيث إن ثقافة الـVIP النفسية باتت تشمل طلب النتيجة دون عناء الخضوع إلى الفحوصات، إذ يشعر الفرد بلذة الحصول على الورقة المختومة والموقعة مقابل بعض الدولارات في تجارة جديدة وسوق سوداء من المتوقع أن تنمو وتزدهر مع تزايد شعور استياء الناس من الحرب البيولوجية طويلة الأجل التي قد يروح ضحيتها "الحمير". فعليا، طالب نقيب الفلاحين في مصر بتحرك دولي لمنع "اندثار الحمير"، معتبرا أن "الحمير في طريقها إلى الانقراض" جراء استخدام المركبات والآلات الحديثة، وتطوير البنية التحتية في المناطق الريفية، مطالبا أيضا بالتحرك الفوري لمنع ذبح الحمير وبيع جلودها وتصديرها خارج البلاد. نطمئن نقيب الفلاحين بأننا لم نواجه بعد ظاهرة "اندثار الحمير" في العالم الافتراضي!. وإن اندثرت "الحمير" فإن تقنية "الهولوغرام" أصبحت قادرة على "إحياء" النسخ الافتراضية من المندثرين، حيث شرعت بعض الجامعات العالمية مثل جامعة فلوريدا الوسطى باستخدام هذه التقنية الحديثة في الفصول الدراسية، حيث يتم مساعدة طلاب الطب على تعلم "التشريح الافتراضي"، مع توجهات باستخدام هذه التقنية لإحياء نسخ افتراضية عن الموتى، في مساع للتخفيف من حدة ألم الفراق. وما أدراك ما الفراق مع ارتفاع عدد وفيات "المدونون" من المشاهير الذين يلقون حتفهم جراء مغامرات، يقومون بها من أجل رفع عدد المشاهدين، حيث لقي "يوتيوبر" دنماركي حتفه إثر سقوطه بشكل مأساوي من منحدر جبلي، وقبله أحد المدونين الأردنيين الذي لقي حتفه مع أسرته بحادث سيارة بعد لحظات من تصويره مقطع فيديو عن رحلته، وبالتالي: رفع عدد المشاهدين هوس هذه المرحلة، مرحلة جديدة يمر بها الاقتصاد العالمي، مع إعادة الموظفين لترتيب أولوياتهم، وذلك في ظل ارتفاع عدد الاستقالات حول العالم، احتجاجا على نمط الحياة المهنية والضغوط النفسية التي لم يعد بمقدور الموظف تحملها، فما قبل الجائحة ليس كما بعدها، وبالتالي سيواجه أرباب العمل تحديا جديدا وهو تعزيز الصحة النفسية للموظفين، وهذا يبدأ بتبديل عقلية "الموارد البشرية" التي وجدت لنصرة "السيستم" والإدارة ظالمة أو مظلومة على حساب "البشر".