18 سبتمبر 2025

تسجيل

قلق المكانة

02 أغسطس 2020

المكانة في المجتمعات التقليدية لها محدداتها وشروطها التي ينتجها المجتمع من داخله، من خلال عملية وسيرورة تاريخية، مع تطور المجتمع ينتج المجتمع شروطاً جديدة نتيجة هذا التطور بناء عليها يفتح مجالاً لأشكال جديدة من المكانة الاجتماعية، دون إلغاء للمكانة التاريخية المتحققة سابقاً، لذلك المكانة التاريخية في المجتمعات الأصيلة متحف متجاوز وليس ساحة إلغاء وإحلال. والاخطر من ذلك حينما يتم التدخل في تحريك التاريخ يدوياً في عملية إنتاج رموز وأيقونات ليست إنتاجاً لتاريخ حقيقي، وليس لها بصمة ذاتية حقيقية من داخل المجتمع بقدر ما هي إسقاطات فوق التاريخ وفوق المجتمع، فيتعامل معها المجتمع بسخرية وبلا عمق حقيقي. التاريخ ليس هناك سوى الاعتراف به كما حدث وحصل، وليس في ذلك ضير للحاضر ولا لرموزه، بل إن من عظم الحاضر أن يعترف بالماضي كما تم أو حصل، الانتقاء من التاريخ لإيجاد ودعم الحاضر خطر على الحاضر وليس خطرا على التاريخ، حيث عملية الانتقاء التاريخي في صياغة التاريخ هي في الاساس عملية نفي مستمرة إذا ما استمرت الاجيال جيلاً بعد آخر في اعتمادها، وسينعكس هذا على الثقافة، وهو واضح اليوم في مجال الادارة الحكومية، حيث إلغاء تاريخ من سبق في الوظيفة يبدو عاملاً حاسماً لإنجاز من لحق. أتمنى أن يعي المسؤولون دور التراكم الضروري لبناء الانجاز، وكذلك أهمية التاريخ كما حصل وتم، لبناء جيل متصالح مع نفسه يفضل التسامح والاعتراف، على الانتقام والالتفاف. قلق المكانة ينتج عن جمود المجتمع وتراتيبيته الموروثة بشكل يعيق عملية الحراك الاجتماعي، لذلك نرى السعي وراء الشهادات والالقاب ليس رغبة في العلم بقدر ما هي رغبة في اعتراف المجتمع بالوجود، هنا يتحول الوضع الاجتماعي الى كونه عملية استهلاكية، الاعتراف مقابل التوظيف لذا تجد نموذج المثقف الموظف، الذي يقول ما يملى عليه، ويردد ما يفرض عليه، ويزايد فيما لا يقتنع به. [email protected]