28 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كشف تقرير اقتصادي لوكالة الطاقة الدولية عن تحديات عديدة تواجهها الدول الخليجية بعد ما بات يعرف بثورة النفط والغاز الصخريين. ويتوقع التقرير ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى أن يتجاوز إنتاج المملكة العربية السعودية خلال عام 2017 لتصبح مكتفية ذاتيا بحلول عام 2035. إن تعاظم ثورة النفط والغاز الصخريين خاصة في الولايات المتحدة من جهة، وتلك المؤشرات التي تنبئ ببقاء الاقتصادات الخليجية مصدر رئيسي للنفط للعقود السبعة القادمة على الأقل من جهة أخرى تستلزم من دول الخليج التفكير في استراتيجيات تأخذ بالاعتبار تناقص حاجة الدول الصناعية لنفطها، وبالوقت نفسه أن تبقى على معدلات إنتاجها وفقا للاحتياجات العالمية ولكن مع تعظيم القيمة المضافة للإنتاج من النفط والغاز. ولابد أن تنطوي مثل هذه الاستراتيجيات على قيام الدول النفطية المصدرة للنفط بمد حلقات التشابك الأفقي والعمودي بين مصادر الطاقة وبين الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وعدم الاكتفاء بتحويل الموارد النفطية إلى استثمارات في البنية التحتية كونه لم يحقق لحد الآن المساهمة القوية في الترويج للقطاع الخاص وخلق فرص كافية للعمالة الوطنية. إن شركات النفط الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي حققت نجاحاً باهراً في تحسين قدراتها الفنية والإدارية في التعامل مع المشاريع الضخمة للتنقيب والإنتاج. بينما نجحت دول أخرى، وبدرجات متفاوتة في جهودها لتحويل احتياطاتها النفطية إلى موارد مالية. إلا أن التحدي الكبير القادم الذي يواجه البلدان المصدرة للنفط والغاز في المنطقة يتجاوز مجرد تحويل احتياطاتها إلى موارد مالية حيث يتعلق الأمر بدخول دول المنطقة مرحلة النضوج الاقتصادي والتنمية المستدامة. وفي هذا الصدد فإن ما تحقق حتى الآن مازال غير متكامل. وبوجه عام فإن الدول المصدرة للنفط لم تنجح حتى الآن في صياغة نموذج التنمية الاقتصادية المستدامة وقد حدث هذا على مستوى العالم بأسره ولا يسري فقط على منطقة الخليج وحدها. ويعود السبب الجوهري في ذلك إلى التفاوت في الاعتماد على العائدات النفطية التي وفرت التمويل للموازنات الحكومية وبالتالي قللت من الحاجة الملحة إلى تطوير أنشطة اقتصادية تتمتع بالقدرة الذاتية على الاستمرار. لكن مصادر التمويل الحكومية والحسابات الخارجية وبرامج الإنفاق المحلية تظل جميعا تعتمد بشكل مكثف على العائدات النفطية غير أنه بالنظر إلى التذبذبات الحادة في أسعار النفط وبالتالي في الإيرادات النفطية الحكومية فإن هذا النموذج يصبح غير مرغوب فيه وغير قابل للاستثمار على المدى البعيد. ومن المعتقد أن إمكانية التطوير الاقتصادي للقطاعات الهيدروكربونية في منطقة الخليج تظل غير مستغله بالكامل وقد يبدو هذا القول تشاؤميا إذا نظر المرء إلى الأوضاع المالية لهذه الدول وإلى الطفرة الإنشائية الهائلة التي تشهدها المنطقة بأسرها لكن هذه التطورات هي محصلة النجاح في تحويل الاحتياطيات إلى موارد مالية بحيث تعتبر قطاعات النفط والغاز بأنها خارجة عن نطاق القطاعات الاقتصادية الأخرى مع إنها جميعا توفر الموارد المالية اللازمة لتمويل الإنفاق المتواصل على البنية الأساسية. لذلك فإن أفضل السبل للاستغلال الأمثل لإمكانات التطوير الاقتصادي للطاقة يتمثل في إيجاد الروابط ما بين قطاعات النفط والغاز وبقية القطاعات الاقتصادية الأخرى إذ إن حجم إنتاج وصادرات النفط والغاز من منطقة الخليج بمكنه دعم الأنشطة الاقتصادية الثانوية والتكميلية الضخمة والمتنوعة التي تكون مطلوبة عادة لمساندة حجم معين من إنتاج النفط والغاز. إذا تقوم صناعة النفط والغاز عادة بإسناد أعمال لجهات خارجية بشكل دوري ومعتاد في مختلف المجالات والقطاعات مثل الخدمات الفنية والآلات وخدمات النقل وعمليات المحاكاة والتصنيع وصيانة الحقول النفطية والخدمات القانونية والمالية المتخصصة وتمويل المشاريع وخطوط الأنابيب وأعمال التركيبات وعدد ضخم آخر من الخدمات المساندة. وهذا الوضع خلق بيئة خصبة للغاية بالنسبة لعدد ضخم من المؤسسات المختصة بتقديم هذه الخدمات. وتعتبر هذه الظاهرة هي الأساس لإنشاء مراكز رئيسية للطاقة في هيوستون وسنغافورة وكالغاري وستانغر وابردين. وفي الوقت الحاضر لا توجد مثل هذا النوع من المراكز الاقتصادية في منطقة الخليج اللهم إلا تجربة مدينة الطاقة في قطر والتي تعد الأولى من نوعها في المنطقة وتنطوي على إمكانات كبيرة لتطويرها كنموذج. إن مثل هذه المدن تمثل تجارب عظيمة لنقل عملية التنمية الاقتصادية في دول المنطقة إلى المرحلة التالية، أي من مرحلة إجراء التحسينات الجوهرية في البنية التحتية إلى إيجاد وسائل ذاتية دائمة للنمو الاقتصادي.