14 سبتمبر 2025

تسجيل

من أين لك هذا؟

02 أغسطس 2013

الإسلام دين خصب فيه من نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة ما يؤسس اقتصاداً له ملامحه الخاصة وصفاته المتميزة كما أن له آثاره المباركة فلدينا من جذور الأصالة ولبنات البناء ما يمكن أن نقيم به مجتمعاً متيناً واقتصاداً ناجحاً دون اللجوء إلى موائد الشرق أو الغرب نتسول فتات ما يجودون به علينا. إن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد فريد وليس من شرق أو غرب لأنه ناضح من وحي السماء ومن كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إلى المال من نواح عديدة فهو يضمن حق التملك ويعتبره حقاً له قداسته ومكانته وإن الجور والاعتداء على هذا الحق ليس من شأن المسلمين ولا هو من مسالك الصالحين، فلكل إنسان الحق في أن يكتسب بكد يمينه وعرق جبينه ما يقيم به معايشه وما يحفظ به كرامته وما ينشئ ويربي به ولده ويحفظ به شرفه، والله عز وجل يرفض أي عدوان على حقوق الناس المالية دون سبب مشروع فيقول جلت قدرته:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) ويقول (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) ويقول (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما). لأن هذه الأموال في حقيقتها هي أموال المؤمنين جميعاً لأنه يتعلق بها حق المجتمع. لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله" فكما أن العدوان على الدم والعرض منكر لا يقبل فكذلك العدوان على المال، ويقول عليه الصلاة والسلام في آخر خطبة خطبها في حجة الوداع: "فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا.".. احترم الإسلام الملكية الخاصة لأنه يحترم الإنسان الذي كرمه الله، ولما كان حق التملك جزءاً من الحرية الإنسانية فإن الإسلام لم يصادره لأن الله عز وجل لم يخلق الإنسان ليكون عبداً لأحد أما سمعت بمقولة الفاروق الخالدة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" فالله عز وجل خلق الإنسان ليكون عبد ربه وحده جل شأنه ومن حق الإنسان أن يكون حراً، ومن تمام حريته أن يمتلك ما أذن الله له بامتلاكه، ومع احترام الإسلام لحق التملك إلا أنه وضع شروطاً على ذلك وأول هذه الشروط أن يكون سبيل التملك للمال هو أن يكون من وجه صحيح ومن طريق مباح لا ظلم فيه ولا غصب ولا اعتداء فاللحم الذي ينبت من مال حرام النار أولى به كما جاء في الحديث الشريف. ثم إن الإسلام يقول للمتملك: أبصر جيداً المال الذي تكسبه، أمن حرام أم حلال؟ فإن كان حراماً فلا حق للمسلم في تملكه ولا يعد المال الحرام مالاً مملوكاً بل يجب التخلص منه كالفوائد الربوية والمال المغتصب ثم إن كان من حلال فلا تظن أيها المسلم أنك المالك الحقيقي لهذا المال إذ إن المالك هو الخالق له ولك إنه ربك الذي خولك وأعطاك، وما أنت إلا مؤتمن على هذا المال تؤدي فيه رسالته تقضي به حوائجك وتساعد فيه إخوانك من خلق الله بما أوجب الله عليك. جعل الله يدك اليد العليا تعطي لنفسك ولغيرك والمالك الأول هو رب العالمين يقول الله عز وجل (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه). إن الإسلام يطلب من أبنائه أن يكونوا أصحاب همم (إذا سألتم الله الجنة فأسألوه الفردوس الأعلى) إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها، فكسب المال عندهم يخضع لتصرف الهمة العالية، فقد يكون المال قريب المنال سهل التناول لكن لا ينبغي للمسلم أن يأخذه من أيسر السبل، ويقعد، فعندما عرض سعد بن معاذ الأنصاري على عبد الرحمن بن عوف المهاجر رضي الله عنهما أن يتملك وأن يعيش على فضل مال أخيه سعد كان جواب عبد الرحمن: لا دلوني على السوق فلما علم الله من عبدالرحمن وأمثاله الذين سماهم الله (الفقراء) صدق العزيمة قال عبد الرحمن فكنت إذا بعت تراباً انقلب بيدي تبرا- أي ذهباً- كناية عن البركة للجهد المبذول وبهذا الخلق استطاع المهاجرون أن يزاحموا الاقتصادي اليهودي في المدينة المنورة، وأن يجعلوا المال إسلامياً، وهذا شيء مهم في كسب المعركة للدين نفسه، فإن الاقتصاد يوم تعبث به أيدي من لا ذمة لهم ولا دين فإنهم يسخرونه في ضرب عقيدة التوحيد، لذلك كانت يد المنفق أعلى كعباً من اليد الآخذة: فاليد العليا خير من اليد السفلى" والله هو الأعلى والأجل ولأن تكون أسداً تأكل الثعالب وبنات آوى من فضائك أشرف من أن يكون المسلم ثعلبا يأكل من فضلات الناس أو قطاً يأكل من خشاش الأرض. لذلك كان الإسلام شديد الحض على أن ينطلق المؤمنون في أنحاء المعمورة يكسبون رزقهم وأقوات عيالهم يبتغون فضل الله في فجاجة أو المخبوءة تحت طباق الثرى، وهذا هو سر قول الرزاق الكريم (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِش) وقال عز وجل ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ {10} يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {11} وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {12} وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ {13} وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {14} ﴾ إلا أن المدهش إن البحر المسخر للناس يستخرجون منه اللحم الطري أعجز أهل الأرض في استخراج سمكه هم المسلمون فقد روي أن الأطلسي في مده اليوم يقذف على شواطئه المسلمة آلافاً من الأسماك فيعجز المسلمون من أخذها لا أن يخوضوا عباب المحيط ليستخرجوها هي تأتيهم كحيتان بني إسرائيل وفي الكثير من بلاد المسلمين البحر هو الذي سخر الناس لابتلاعهم وجعلهم طعما لأسماكه وحيتانه لا أن يأخذوا بسنة الله الذي سخر لهم البحر. إن أمتنا معطوبة في صميمها لأنها فقدت الكثير من حسها وانتمائها للدين والدنيا معاً (هو أنشأكم مِنْ الأرضِ واستعمركُمْ فيها) إن عندنا في ديننا ما لا نظير له لسموه وشرفه. قال الإمام ابن حزم في " المحلى" ولكل مسلم الحق في بيت يأوى إليه ويصونه من الحر والبرد وعيون المارة. إنه الدين الكامل (اليوم أكملتُ لكمْ دينكمْ) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين