13 سبتمبر 2025

تسجيل

الحرب الأهلية .. والثورة الوطنية في العراق

02 أغسطس 2013

انتقلت الحرب على العراق إلى ما أراده المحتل وأصبحت حربا في العراق. والفارق كبير واحتاج وقتا ليس بالقصير، وإن كانت كل أسسه قد وضعت وطبقت خلال الحرب على العراق، إذ يمكن القول إن العدوان على العراق واحتلاله جاء مرتبطا بخطة نقل الحرب إلى حالة مجتمعية بين مكونات الشعب العراقي. والقصد أن الحرب انتقلت من عدوان تقوم به قوة خارجية تحارب العراق دولة وشعبا من الخارج تجاه من في الداخل بعد الاحتلال، إلى حرب تجري بين أبناء العراق. وإذ يتصور الكثيرون أن ما يقوده المالكي هو نمط من صراع على السلطة يخوضه ديكتاتور لتحقيق مصالح فئات ترتبط به ونظامه، فالحق أنها نمط من الحرب الأهلية أيضا. البعض لا يرى أن ما يجري ليس حربا أهلية يعيش داخل تصور أن الحرب الأهلية، لابد أن تجري بين ميليشيات طائفية أو عرقية من أطراف أهلية أو مجتمعية، فهو هنا يقع في فخ تصور أن الدولة والاجزة العسكرية التي جرى تشكيلها في العراق هي أجهزة وطنية عامة وليست طائفية. ولتدقيق الأمر نقول إن الشعب العراقي بقطاعات واسعة لا يزال غير منغمس بل ويقاوم ذاك النمط من الاقتتال الأهلي، غير أن سلطة المالكي والميليشيات التي تشكل جهاز الدولة ليست أجهزة وطنية وإنما هي أجهزة وسلطات بنيت على أساس طائفي وهي تمارس دورها عموما وتخوض حربها على الشعب العراقي استنادا إلى فكرة وأيديولوجية طائفية. ويمكن القول بأن شدة إجرام هذه السلطات يبدو مدفوعا بعوامل مركبة. ففي جانب أول تبدو تلك السلطات مرتبطة بجموعات ذات صبغة طائفية، غير أنها في الجانب الثاني تأتي تعبيرا عن مجموعات ضيقة داخل الطائفة التي تعبر عنها، إذ الشيعة العرب يجري اضطهادهم لمصلحة تلك النخبة الحاكمة المرتبطة بالتشيع على الطريقة الفارسية والمرتبطة بمصالح واستراتيجيات الفرس الإيرانيين، كما أن قطاعا واسعا من الشيعة بات يرى أن المالكي يدفع المجتمع إلى وضعية الاقتتال، فصارت تظهر أصوات تخشى على العراق من المالكي وتصدر إشارات على موقف وطني جامع مضاد للمالكي. وفي الجانب الثالث، تأتي تلك السلطة الحاكمة في وضع من يخوض حربا أهلية ثقافية على فكر المجتمع الوطني العراقي سواء لمصلحة الفكرة والأيديولوجية الغربية أو لمصلحة الفكرة الأيديولوجية الإيرانية. ما يعيشه العراق في الوضع الراهن هو نمط معقد من الحرب الأهلية وليس ذاك النمط المبسط القديم من الحرب الأهلية. وهذا النمط من الحرب لا يعوق تعميمه واندفاعه نحو الحالة الفوضوية الشاملة للحروب الأهلية، إلا الشعب العراقي أو الجمهور العراقي الذي لا يزال صامدا رافضا الانزلاق إلى ذاك النمط الشامل من الحرب الفوضوية. وفي الأفق يبدو أن الأمور حبلى بتطور يرتبط بتطورات الثورة السورية، إذ تتباطأ اندفاعة الثورة العراقية وحالة الخلاص من الحرب الأهلية المعقدة بفعل تباطؤ عملية التغيير في سوريا، وهنا يمكن القول إن أحد العوامل الحاكمة للموقف الأمريكي من الثورة السورية، هو أن الولايات المتحدة تخشى أن يزحف التغيير من سوريا إلى العراق حاملا ملامح الثورة الوطنية التي تنهي حالة الحرب الأهلية المعقدة التي يخوضها المالكي لاستمرار إنهاك العراق. والقصد أن المالكي كان يخوض نمطا من الحرب الأهلية لبقاء سلطته في السابق وإنه صعد من نمط تلك الحرب الأهلية لمنع وقوع الثورة الوطنية، وأن العراق لا يزال في انتظار نهاية وحسم الثورة السورية لحدوث تغيير حقيقي في دورة الصراع في العراق.