16 سبتمبر 2025
تسجيليمثل التعليم أهمية كبرى لجميع شعوب العالم لكونه الإستراتيجية القومية الأضمن للرقي الاجتماعي الساعي لبناء حضارة أو شخصية قومية مميزة تخضع لألوان شتى من التأثيرات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ويرى التربويون أن أحداً لا يستطيع أن يوجه مسيرة التنمية في دول العالم الأقل نمواً إلى درجة عالية من الفاعلية إلا بمشاركـة مجتمعية حقيقية، ولذا أصبحت المشاركة المجتمعية في التعليم ضرورة ملحة من دونها لا تستطيع المدرسة أن تحقق أهداف المجتمع وطموحاته، فالمدرسة بطبيعتها لا تعمل في عزلة عن الظروف والعوامــل المجتمعية التي تحيط بها، ولكنها جزء من المجتمع تنفعل به وتتفاعل معه، ومن ثم فإنه يجب أن تستفيد من خدمات المجتمع المادية والبشرية، وتقدم له ما لديها من إمكانات مادية وبشرية للمساهمة في حل المشكلات وإصلاح التعليم وتطويره. ومنذ انتشرت ثقافة الاهتمام بضبط الجودة في المؤسسات التعليمية انطلاقا من النظر إلى التعليم باعتباره سلعة كغيره من السلع لا بد له أن ينافس، وأن يسعى إلى إرضاء مستهلكي تلك السلعة من الطلاب والمجتمع والدولة، أصبح أولياء الأمور والطلاب يرغبون في الحصول على أفضل المؤهلات للحصول على الفرص الوظيفية التي تتناقص متأثرة بازدياد عدد الخريجين وقلة فرص العمل، وأولياء أمور الطلاب – بطبيعة الطموح الإنساني المشروع - يتطلعون إلى أفضل تأهيل لأبنائهم، أما الحكومات الوطنية فإنها تسعى لإنجاز مخرجات تعليمية متميزة تمكنها من إنجاح خططها التنموية، فالتعليم ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والإصلاح والتقدم، وهو الوعاء الرئيسي لتحقيق تنمية الموارد البشرية التي هي عماد عمليات التنمية في أي مجتمع. ويتفق أكثر التربويين على أن التقاعس عن النهوض بمخرجات التعليم يترتب عليه ظهور البطالة في صفوف المتعلمين، وانخفاض المستوى المعيشي لعدد كبير من الأسر، وعدم الارتباط بين تخصصات التعليم ومتطلبات سوق العمل وإذا كان التعليم الجيد مسؤولية كل فرد، فإن الحرص على تقوية أواصر المشاركة المجتمعية بين المدرسة والأسرة وأفراد المجتمع المحلي المحيط بها ومؤسساته المختلفة أصبح ضرورة عصرية؛ ضمانا لشعور الجميع بأن المدرسـة امتداد طبيعي للأسرة، وأنها تسعى لتحقيــق طموحات كل أفراد المجتمع، كما أنه من غير المنطقي أن تقف المؤسسة التعليمية بمفردها تواجه التحديات وتتحمل المسؤوليات فمن الضروري دعم المجتمع كافة للمؤسسات التعليمية في صورة مشاركة مجتمعية من كافة الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني بتنظيماته وجمعياته الأهلية وأصحاب الأموال والأعمال وأولياء الأمور القادرين وغيرهم من المواطنين ورغم تعدد المداخل؛ لتحقيق الإصلاح المدرسي: (مدخل اللامركزية – مدخل معايير الجودة – مدخل المشاركة المجتمعية – مدخل الإصلاح المتمركز حول المدرسة) فإن مدخل المشاركة المجتمعية يقف في مقدمة تلك المداخل بوصفه من أهمها إن لم يكن أهمها على الإطلاق من حيث كونه يشجع على اندماج المجتمع بشكل حقيقي في جهود إصلاح وتطوير المدرسة، فهناك أدوار ومسؤوليات محددة تقع على عاتق مجلس الأمناء والآباء والمعلمين، والمجتمع المحلي. من هنا أصبحت المشاركة المجتمعية في التعليم ضرورة بناءة، فهي تستطيع أن تمدنا بالطاقة الفاعلة التي يمكن من خلالها أن نواجه تحديات الفترة الحالية، والقضاء على الفجوة بين الموارد المتاحة والطموحات الهائلة التي يمكن تحقيقها، وأشارت وزارة التربية والتعليم إلى أن فكر المشاركة المجتمعية يتناغم مع فكر مؤسسي النظريات التربوية الذين آمنوا بالديمقراطية في التربية، وهي معيار تقاس به النظم الديمقراطية ولأن التعليم قيمة مجتمعية لا تحل إلا بالمشاركة الجماعية، وإصلاح أمره مسؤولية الجميع، فإحداث التطوير في نظام التعليم يجب أن يتم من خلال الجهود الجماعية لأفراد ومؤسسات المجتمع. في ضوء ما سبق تتبين أهمية المشاركة المجتمعية كأحد المداخل المهمة للإصلاح المدرسي وفقا لمعايير الجودة والاعتماد. وأصبح محتما على واضعي السياسات التربوية في وطننا العربي أن يعيدوا النظر في دمجها كأسلوب عمل جديد في نظمنا التعليمية.