19 سبتمبر 2025

تسجيل

سورية والنفق المظلم

02 أغسطس 2011

خمسة أشهر مضت وسورية الحبيبة تعيش أسوأ مراحل حياتها منذ عهد الاستقلال من الاستعمار الفرنسي، أنها تسير في نفق مظلم. الشعب السوري يريد العزة والكرامة وهو يستحقها بجدارة، إنه يريد الحرية في القول والعمل من أجل سورية القوية العزيزة، أنه يرفض الذل والإذلال من أي قوة في الأرض، الشعب السوري العظيم قاوم كل جحافل الغزاة والطغاة عبر التاريخ وانتصر. اليوم المعركة في سورية الحبية ليست كالمعارك التاريخية التي خاضها الشعب السوري، معركة اليوم هي مع نظام سياسي سوري طغى وتجبر على مدى أربعين عاما ونيف. مطالب الشعب في مطلع حركته الحالية هو الإصلاح وشعار ردده الثوار " الشعب لا يذل"، كانت مطالبة متواضعة لا للإذلال،والقهر، والاستبداد، والفساد والمحسوبية، نريد العزة والكرامة، لكن الرسالة لم تصل إلى أذان الرئيس بشار الأسد إلا عبر " فلاتر " أي عبر أجهزة الأمن الرهيبة. النظام الحاكم في دمشق صعد مواجهته منذ اللحظة الأولى في مدينة درعا ضد المدنيين العزل وانزل الجيش بقوته العسكرية المخيفة وجنوده بلباس ميداني وكأنهم متجهين لتحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي. جنود أو مجندين (شبيحة) يمتطون ظهور مواطنين قيدت أيديهم من خلاف وبطحوا أرضا، رقص هؤلاء (الشبيحة) على ظهور الرجال وركلت رؤوسهم بأحذية الشبيحة (البصطار الصلب وكأنهم يركلون كرة قدم. في مقابل تصعيد النظام لقمع المواطنين بالقوة المسلحة المطالبين بالإصلاح والكرامة والحرية صعد المواطنون مطالبهم بإسقاط النظام، وامتدت الثورة المطالبة بإسقاط النظام لتشمل كل الأرياف والمدن السورية من أنطاكية شمالا مرورا بمدن الساحل والوسط حتى محافظة درعا في الجنوب، ومع بعد الشبه يذكرنا هذا الموقف بموقف الشعب السوري من اغتصاب السلطة في دمشق من قبل الجنرال الفرنسي هنري غور ومقاومتهم له رغم بطشه الشديد بالشعب. يقيني بأن القيادة السورية الماسكة بزمام السلطة لم تقرأ تاريخ الشعب السوري ومقاوماته لكل أصناف الاستبداد والظلم، لم يعتبروا من حملة الجنرال الفرنسي هنري غور وسياساته التي أعتقد أنه بمجرد احتلاله لدمشق فإنه سيسيطر على كل بلاد الشام. تداعى الشعب السوري لنجدة دمشق فهبت الثورة من حوران لنصر مقاومة دمشق للاحتلال الفرنسي وهتف أهل حوران كلهم " حوران هلت البشائر " وتنادت مدن الشام من أنطاكية إلى الفرات والجزيرة امتدادا إلى دير الزور والحسكة والقامشلي وحمص إلى جسر الشغور إلى ادلب وكل مدن الساحل وإلى درعا إلى كل مكان في سوريا وانتصر الشعب السوري في مقاومته للاحتلال. تاريخ سوريا كله عبر لمن يعتبر فهل أن للرئيس بشار الأسد أن يعتبر؟ (2) قلنا كغيرنا من شرفاء هذه الأمة ونقول لكل الحكام العرب أن الحلول الأمنية لمواجهة مطالب الشعب لن يكتب لها النجاح مهما طغت وتجبرت تلك الأنظمة. الشعب ركن من أركان الدولة إذا اختل توازنه انهارت الدولة، الحكم أداة لتحقيق الانسجام الاجتماعي بين أفراد الشعب متفق على إدارته بعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم فإذا دب الفساد والاستبداد وانتشر الظلم وانعدمت العدالة انهار الحكم لكن الدولة والشعب ركنان لا يمكن إزالتهما أو تبديلهما، الحكومات مستقبلها وبقاؤها مرتبط برضا الشعب عليها فإذا رفضها الشعب فلا عاصم لها من غضبه وستسقط وستلاحقها لعنة التاريخ طالما بقي الإنسان. (3) في مطلع الأسبوع الحالي اجتاح الجيش السوري مدن مثل حماة وقرى وأرياف سورية لإخضاع الشعب لإرادة السلطة الحاكمة في دمشق وكأن النظام السياسي في دمشق في سباق مع الزمن باستخدام القوة المسلحة لأنها ثورة الشعب السوري السلمية المطالبة بسقوط النظام قبل دخول شهر رمضان المبارك، ارتفع عدد القتلى لأكثر من 140 إنسانا وتزايدت أعداد الجرحى بعضهم جراحة خطيرة كما تؤكد وكالات الأنباء المختلفة ولعل هناك جنود سقطوا في هذه الحرب اللاأخلاقية بدلا من سقوطهم على سفوح الجولان وقممه المحتلة منذ عام 1967. النظام السياسي يقول إن هناك قوى مسلحة وأيد أجنبية تريد إلحاق الهزيمة بسورية دولة التصدي والمقاومة والممانعة وعلى الحكومة السورية أن تحمي الوطن والمواطن من المؤامرات الأجنبية والعملاء والخونة. ونحن نؤيدها في ذلك ونشد من أزرها ونعينها للتصدي لهم. لكن أليس أقصر الطرق لحماية الوطن والمواطن في سورية وغيرها هي إحلال العدل والمساواة والقضاء على الفساد والمفسدين وتسييد مبدأ حرية التعبير وتداول السلطة بالطرق الديمقراطية وإيجاد دستور متفق عليه ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟ أليس أقصر الطرق وأسلمها لحماية الوطن والمواطن هو الاستجابة لمطالب الشعب وتحقيق الانسجام الاجتماعي بين مكوناته في جو من الحرية والأمن الجماعي؟ آخر القول: نؤكد أن الإجراءات الأمنية وسن قوانين حمالة أوجه لا تحمي نظاما.ولا تحقق له الاستقرار. لكن أعان الله امتنا العربية على أمورها.