11 سبتمبر 2025
تسجيلقد لا يبدو العنوان جاذباً للبعض أو مُستغرباً للبعض الآخر ولكن مما لاشك فيه ان بين سطوره معاني تليق بالمعنى، فكما يقال المبالغة في الشيء تُفقده معناه وقد ينقلب الأمر ليكون " ليته ما كان". فالمبالغة والتضخيم في بداياتها سِلمٌ وسلام الا انه مع الاستمرار تصبحُ وجعا ومرارا فقد قالت العرب قديما: ” إن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ”، والمبالغة حتى في الفعل النبيل تحوله إلى فعلٍ مستنكر وفي الحب تحوله إلى رغبةٍ في التملك وفي الكرم إسراف وفي التوفير بخل وفي الثقة سذاجةٌ وعناء. والمشكلة ان من يبالغ في تقديم كل شيء جيد من حبٍ او عطاءٍ او اهتمامٍ او تضحيةٍ بات هو المذموم، فما اقسى سخرية النفوس وقسوتهاعلى شخصٍ كهذا. فحين نعطي لا ننتظر وحين نقدم لا نُذكر وحين نضحي لا نطلب مقابلاً لأننا نفعل ذلك بحبٍ او اهتمامٍ او بإنسانيةٍ تُحرك عواطفنا، وانا هنا اتحدث عن فئةٍ قليلةٍ تكاد تكون منسيةً فمن يُقدّر لها عطاءها ولو معنوياً هذا اذا لم يعتبرها المحيط ساذجةً من طيبتها في زمن لا يرى الطِيبة الا مذمومة!! يُنسى نعم يُنسى من كان في ظهرِ من احتاج اليه يوماً ليكون في خانة من يُنكر معروفه، والويل له إن حاول مضطراً التذكير بجميلٍ قام به وبوقفةٍ شعر ان عليه ان يقفها إنسانياً على الأقل ليجد نفسه يقف امام سدٍ كُتب عليه في عز احتياجه " ياخي ماحد طلب منك تعطي" فهو لم يعط فقط بل بالغ في العطاء والمحبة بكل اشكالها مُتبّعاً نقاءه الداخلي وفطرته السليمة. وليس هناك أصعب من نكران المعروف لإنسان لا يُحسن سوى أن يكون وفياً وصادقاً فيتصور أن الجميع يطابقونه في ذلك المبدأ ويقاسمونه ما يؤمن به بالحياة من الوفاء، وحاله يسأل: كيف يُرمي ما قدمه خلف الظهور ويُنكر له المعروف فقط لأنه صدَق وأوفى وبالغ في ذلك؟! أنت إذاً ايها المُبالغ في عطائك مُطالب بأن تُعطي فهكذا اعتدت والأدهى هكذا اعتادوا عليك، وللأسف لا قانون يُفند هذا العطاء أو يحدده أو يؤطره على الإطلاق ولا ظروف من الممكن أن تُحاصرك ذات يوم، وتجعلك ترتد عاجزاً عن مواصلة عطائك المعتاد حتى انك اعتدت أن تعطي ملتزماً واعتادوا أن يأخذوا دون شكر بل واعتدت أن تعطي بابتسامة ظللت تعتقد أنها نافذة تطل على الآخرين بحبٍ بينما هم اعتادوا أن يأخذوا بثقافةٍ جديدةٍ مفادها عليه ان يدفع فاتورة تلك التربية النقية او الفِكر الراقي، وإن قمت بإيصال رسالةٍ مهذبةٍ انك تعبت او أُرهقت او طالبت بتقدير ما تقوم به فستخضع لاعتباراتِ الخلاص منك وعدم الحاجة إليك، فأي ثقافة جحودٍ بات البعض يتعامل بها!؟ لعلي هنا أحاول ان اقدم لك مواساةً شخصيةً تُهدئ روعك يا صديقي لحين مُراجعتك لحسابات مُبالغتك النقية مع من حولك. أخيراً: لا تبالغ في حب الأشياء، ستؤذيك يوماً ما،، وكل عام وانتم بخير. [email protected]