17 سبتمبر 2025
تسجيلحسناً فعلت وزارة التعليم بالإعلان عن تشكيل لجنة تدرس وتراجع ما يعرف بـ (الاختبارات الوطنية)، مستجيبة بذلك لمناشدات واسعة أعربت عن رفضها واستنكارها لتلك الاختبارات وما تضمنته من أسئلة معقدة وتعجيزية ، ومثيرة للغرابة والاستهجان أيضاً. وإذ نقدر للوزارة هذا التوجه الإيجابي في التعاطي مع الرأي العام المحلي ، فإننا في الوقت نفسه ندعو صناع القرار التعليمي إلى اتخاذ إجراءات عملية ملموسة تخلص الطلبة وأولياء أمورهم ومعلميهم من عناء وضغوط تلك الاختبارات التي عصفت بالميدان ، منذ سنوات النظام التعليمي السابق ومدارسه المستقلة ، وقد تم العدول عن ذلك النظام وعادت الوزارة مجددا لمسارها ، وكان المفترض أن تلغى تلك الاختبارات تبعا لذلك ، لكن الاختبار الشمولي في كل ما درسه الطالب على مدار الفصلين والمسمى بالاختبارات الوطنية ظل مستمرا في صفوفه الثلاث ( 3 ، 6 ، 9 )، واستمرت معه موجات اعتراض وتنديد المجتمع القطري بكل فئاته . وما دام الطلبة يجرون اختبارات ختامية شاملة في كل ما درسوه في نهاية كل فصل دراسي ، ويتسلمون تقارير رسمية بذلك ، فما جدوى الإصرار على إلزامهم باختبارات مستوردة مترجمة او منسوخة تفتقر الى التنقيح والمراجعة الدقيقة، واحتجازهم لساعات طويلة مرهقة يجيبون خلالها عن أسئلة من خارج الحدود بل من خارج الكرة الأرضية، وما الفائدة التربوية والعلمية التي تعود عليهم من اثبات فوائد بعض العادات والسلوكيات الضارة، أو قياس مدى ادراكهم لظواهر ومعلومات غير منطقية ومثيرة للريبة. إن ما نصبو إلى قياسه وتقويمه من معلومات وتحصيل لدى الطلبة وتحديد الفروقات الفردية بينهم يمكن تحقيقه بكل سهولة وموضوعية وعبر وسائل وأدوات نظرية وتطبيقية عديدة، دون الحاجة الى ذلك النوع من التعقيد والغموض. وما دامت الوزارة تتجه نحو معالجة موضع الخلل، وهذا أمر محمود يدعو للتفاؤل، فإننا نهيب بقيادات وزارة التعليم اتخاذ التدابير السليمة بالعدول عن ما يسمى بالاختبارات الوطنية ، واستعادة آلية الاختبارات المعمول بها والمتفق على جدواها، والمعدة وفق أعلى معايير التقويم والتقييم، وقياس نسب التحصيل العلمي على أيدي خبراء ومختصين ذوي خبرة وكفاءة، كما عهدناها طلابا ومعلمين وموجهين ، وحققنا بها مخرجات تعليمية عالية المستوى، فهل تلك الاختبارات لم تكن حينها وطنية ؟! وهل يكفي أن نصف نظاماً تعليمياً أو أسلوباً للقياس والتقويم بأنه وطني لنضفي عليه قدراً من الأهمية أو الأفضلية؟!. أيها المحترمون ليس كل قديم فاشل ، وليس كل جديد ناجح، والتغيير والتطوير ما لم تدعو إليه الحاجة فإنه نوع من العبث والفوضى ، والميدان التعليمي يجب أن يبقى محصنا من تأثيرات التقلبات والتجارب المتسارعة. وإذا كان القائمون على شؤون التعليم ، ينشدون جدية ونزاهة الاختبارات الداخلية في المدارس ، فيمكنهم أن يضبطوا هذه العملية ويضمنوا سلامة الاختبارات باستعادة أدوار الموجهين في إعداد وتعميم الاختبارات ومتابعتها والتأكد من نزاهة وموضوعية التصحيح ورصد الدرجات دون التقليل من شأن إخوتنا المعلمين الفضلاء . وبذلك نتلافى ما يعانيه الطلبة وذووهم من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية، جراء استمرار ما يعرف بالاختبارات الوطنية ، وما ينجم عنها من إرهاق وقلق وإهدار للأوقات والجهود دون عائد تربوي أو تعليمي. مع الحدث نترقب وأحبابنا الطلبة إعلان نتائج الاختبارات خلال ساعات ، ونسأل الله التوفيق والنجاح لكل الطلبة ، وأن نحقق معهم أغلى الطموحات ، مع التنبيه على أهمية توجيه طاقة الأبناء والبنات نحو البرامج والأنشطة المفيدة الهادفة خلال الإجازة الصيفية. [email protected]