30 أكتوبر 2025

تسجيل

تغذية نزعات العنف في المنطقة.. من يقف وراءها ؟!

02 يوليو 2015

شهدت الأيام القليلة عددا من حوادث العنف والقتل في كل من الكويت وتونس ومصر، وهو عنف مرفوض دونما شك، ولاقى إدانة وشجبا واسعين من قوى محلية ودولية، لكنّ ما يؤلم ويحزن أمران، الأول أن كثيرا ممن يدينون هذا العنف ـ من أنظمة وأحزاب وجماعات وشخصيات.. لا يدينون عنفا مشابها لأنظمة ديكتاتورية دموية، أو جماعات وميليشيات تدور في فلكها رغم أنها ـ الأنظمة وهذه الجماعات معا ـ تمارس نفس الأدوار بل أكثر من ذلك بكثير منذ سنوات وعقود، أيّ أن في الأمر نفاقا بيّنا وازدواجية مقيتة، والأمر الآخر هو عدم البحث عن مسببات العنف الكامنة وراء العمليات الانتحارية والعنفية الأخرى، رغم أن الوقاية دوما خير من العلاج، وأنّ التغلب على المشاكل لا يتحقق من إلا بإزالة مسبباتها. كثير من الشخصيات الحزبية والإعلامية التي تحدثت بألم عن جريمة تنظيم الدولة "داعش" ضد أحد مساجد إخواننا الشيعة، سبق أن أنكروا جرائم النظام السوري بحق شعبه من المدنيين العزّل، أو حاولوا تبرير أعماله أو المخادعة بشأن حقيقتها، كما دافعوا بشراسة عن مساندة النظام الإيراني والميليشيات التي تدور في فلكه وفي مقدمتها حزب الله لنظام الأسد، تحت مبرر مفضوح ألا وهو الممانعة والتصدي لمخططات الكيان الصهيوني، رغم أنهم يعرفون أن النسبة الضخمة من ضحايا النظام مدنيون من الأطفال والشيوخ والنساء الذين لاحول لهم ولا قوة ، وأن ما يحدث يتمّ بسبب قصف المناطق الآهلة بالسكان المدنيين ببراميل الموت وبالكيماوي والغازات المحرمة دوليا، كما أن استهداف مدن ومناطق بالعراق تتم تحت لافتات مذهبية معروفة.سلوك هذه الشرائح المشار إليها أعلاه في إطار اصطفافات سياسية ومذهبية خلق حالة من الكراهية الشديدة لدى الشعب السوري وشعوب عربية مظلومة أخرى إزاء سياسات النظام الإيراني الداعمة لنظام الأسد الديكتاتوري وضد الجماعات والميليشيات والشخصيات التي تدور في فلكه، وإزاء الظلم والتعذيب والتنكيل الذي تعرض له الكثيرون على يد الأنظمة الدموية كما في سجون نظام الأسد والنظامين العراقي والمصري، كما أنّ انقلاب أنظمة جديدة على الشرعية الدستورية والانتخابات الديمقراطية، جعل كثيرا من الشباب يكفرون بالعملية الديمقراطية وجدواها، وربما أدت ببعضهم للتطرف بقصد أو بدون قصد، والإيمان بطروحات الجماعات التكفيرية والعنفية.أسباب كثيرة تقف وراء العنف منها ديكتاتورية وعنف الأنظمة، وغياب آليات التعبير عن الرأي أو لنقل منع أو كبت أيّ صوت حر ورفض الإصلاحات التي طالب بها الشعب، والانقلاب على العملية الديمقراطية، وكلنا يتذكر أن الثورة السورية التي انطلقت بصورة عفوية كانت سلمية وبقيت كذلك من خلال المظاهرات التي شارك فيها مئات الآلاف لمدة ستة أشهر على الأقل، ولم تلجأ لحمل السلاح إلا عندما جابهها النظام بالرصاص والسحق والقصف، ورفض الاستجابة لمطالبها العادلة. وما يحدث في مصر من اغتيالات وتفجيرات خلال السنة الماضية والحالية، وإن كانت محدودة فهي ليست إلا تعبيرا عن حالة الاحتقان واليأس بعد تم الانقلاب على الاعتصامات السلمية والعملية الديمقراطية. وللنظام الإيراني والجهات التي تتبع له دور كبير في شحن الأجواء وتوتيرها وتسميمها وتشجيع العنف والتطرف نظرا لتدخله في الشؤون العربية سواء من خلال نشاطه المذهبي التبشيري في دول عربية متعددة منذ سنوات، أو لجهة دعمه السياسي والعسكري لكيانات ميليشياوية تعد أذرعه في المنطقة كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وجماعات مماثلة في العراق، أو لجهة دعمه السياسي والعسكري الواضح لأنظمة تقتل شعوبها كما في سوريا والعراق، وتوريطه لجزء من الشيعة العرب في أتون مطامعه التوسعية في المنطقة، وكل ما سبق من شأنه يؤجج النزعات الطائفية ويغذي نزعات الانتقام والعنف. ومن الأسباب المهمة فيما يحدث صمت ما يسمى بالعالم الغربي المتحضر عن إجرام الأنظمة العربية الظالمة وعدم اتخاذ مواقف من شأنها الأخذ على يدهم بما في ذلك إقامة مناطق حظر جوي أو تنظيم مناطق وممرات آمنة للمدنيين، وموافقتهم ضمنا على عودة ديكتاتورية العسكر والانقلاب على العملية الديمقراطية، كما حصل في مصر والصمت عن جرائمهم المتواصلة، والسكوت عن دعم النظام الإيراني للنظام السوري والحوثيين المنقلبين على الحوار الوطني وشرعية الحكومة والدولة اليمنية. أكرر أنا ضد العنف بحق المدنيين والقتل العشوائي وأدين بشدة عمليات العنف الأخيرة، ولكني بنفس الوقت أدين كل إجرام الجهات التي أشرت إليها آنفا وأعتبر أن عنفها قاد لعنف مماثل وعليها أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية تجاه ما يحدث. علينا أن نزيل أسباب الاحتقان والتأزم والكبت والقهر والتسلط والتوغل حتى نعيش جميعا بسلام وأمن وأمان.