30 أكتوبر 2025

تسجيل

برامج تليفزيونية إبداعية في خدمة العمل الخيري

02 يوليو 2014

مع كل فكرة مبدعة تنمو الأعمال والمشاريع والمبادرات بوتيرة أسرع، وتحقق إنجازات أكبر ونجاحات أفضل.أجدني بمنتهى السعادة مع كل فكرة تقرّب العمل الإنساني والتطوعي في عالمنا العربي من هذه الأجواء، لأنها تصبّ في خدمة أصحاب العوز والحاجة، وتنمية المجتمعات المحتاجة، وإحداث فرق في حياة البشر.كثيرة هي الأفكار الخلاّقة التي تقفز بالعمل قفزات كبيرة نحو الأمام، ولكن القليل منها ما يصبح حقيقة ويترجم إلى واقع، لذا أرى من الواجب التنويه بها وتسليط الضوء عليها. وقد شدني منذ بداية رمضان المبارك برنامجان تليفزيونان أنتجتهما جمعية قطر الخيرية ويعرضان على تليفزيون قطر وقناة الريان طيلة الشهر الكريم، الأول بعنوان "سفاري الخير" والآخر "قلب واحد".تقوم فكرة البرنامج الأول على دمج الشباب القطري للفئة العمرية من ( 20ـ 30 سنة ) في العمل الإغاثي والتنموي بصورة عملية، وقيامهم بتنفيذ عدد من الحملات والمشاريع أثناء البرنامج من خلال فريقين يتنافسان في الإنجاز ويتكاملان في أداء المهام. صوّرت حلقات البرنامج في بلد أفريقي هو بوركينافاسو، حيث تم اختيار محافظة من بين خمس محافظات مقترحة هناك. تعرّف فريق العمل على حاجيات سكانها، واحتكّ بالعمل الميداني من أجل معرفة الأولويات وطرق جمع التبرع لمشاريع خاصة بهم، وتحديد آليات تنفيذ هذه المشاريع، كما نظّمت للمشاركين في البرنامج دورات مهنية قبل وأثناء تصوير البرنامج، والغرض في المحصلة تأهيل وتدريب الشباب القطري في مجال العمل التنموي والإنساني. من نماذج الحلقات تسليط الضوء على عمليات إزالة المياه البيضاء من العيون التي تحرم الكثيرين من نعمة البصر، بسبب الفقر وضيق ذات اليد، وتعليم الفريق وضع خطة تساعد المرضى على التخلص منها، وكان ذلك من خلال تنظيم حملة إعلامية بوسائل مباشرة بسيطة في القرى لإعلامهم بوجود مستشفى ميداني قريب منهم ينفذ هذه العمليات مما يسهم في توفير التكلفة والجهد، وتختتم الحلقة بدعوة الجمهور القطري لدعم مثل هذه المشاريع، شكرا لله على نعمة البصر، وتوفر وسائل الرعاية الصحية لديهم، ودعوة الكثيرين من خلال سؤال مسابقة البرنامج للتفكر بنعمة البصر، من البحث عن إحصاءات أعداد المصابين ببعض أمراض العيون عالميا. أما البرنامج الثاني: "قلب واحد" فهو وثائقي واقعي، ترتكز فكرته على قيام كوكبة من الشباب القطري المتميز في المجالات الدعوية والإعلامية والرياضية والإنشادية والشعرية بمغامرات خيرية وترفيهية تم تصويرها في سوقطرى اليمنية للتعريف بالظروف الصعبة التي يعيشها سكانها وبخاصة الفئات الأشد احتياجا.. ومعروف أن جزيرة سوقطرى تعاني من بنية تحتية هشة للغاية وفقر كبير رغم جمالها الطبيعي وغنى غطائها النباتي وتنوعها الحيوي وتفرد بيئتها. ويستهدف البرنامج تنفيذ أكثر من مئة مشروع فيها، وحشد التبرع لصالح 150.000 شخص من الشرائح الأكثر احتياجا في الجزيرة.لاشك أن البرنامجين التليفزيونيين جديدان في فكرتهما، وطريقة تعاملهما مع العمل الخيري والتطوعي وتقديم الدعم لهما من زوايا متعددة لعل أهمهما: ـ نشر ثقافة العمل الخيري والتطوعي، وتحبيب الشباب به واستقطاب طاقاتهم له، وإدماجهم فيه بأسلوب جذاب يجمع بين المغامرات والفكاهة ومتعة العمل الميداني وتحدي المشاق والصعوبات المرتبطة به، والتنافس، واستنفار الطاقات وحشد الدعم له.. وهي أمور في مجملها تشد شريحة الشباب. ـ الابتعاد عن الأسلوب التقليدي في العمل الخيري الذي غالبا ما يعتمد على الموعظة والخطابة، وقد يقترن بأذهان الكثيرين بالصرامة والجدية فقط.ـ تقريب الإشكالات التي تعاني منها المجتمعات الفقيرة مثل بوركينافاسو وسوقطرى إلى أذهان الشعوب الأخرى لاسيما المقتدرة منها، وغيرهما من خلال الصورة التليفزيونية، لأن اللقطة المؤثرة قد تكون أبلغ من ألف عبارة.ـ الجانب التربوي في تعليم الشباب خصوصا والجمهور عموما تقدير النعم التي أنعم الله بها عليهم، الأصحاء مقارنة بالمرضى، والمكتفون ماديا مقابل الفقراء وذوي الحاجة، وكيفية شكر هذه النعم بصونها والتبرع لمن هم بحاجة إليها.. كل ذلك بأسلوب غير مباشر.ـ ابتكار أساليب جديدة في تسويق المشاريع وحشد الدعم المالي والتبرع لها، بأسلوب تنافسي، حيث تختتم الحلقات بعرض مشروع أو أكثر للتمويل، وعرض الوسائل المختلفة والميسرة لكيفية التبرع لها.لقد استطاعت مسابقة "المتنافسون 2" لقطر الخيرية قبل شهر ونيف استقطاب 12 مليون ريال عن طريق تنافس فريقها الشبابي المتميز الذي يضم نجوما من الرياضيين والإعلاميين والشعراء وغيرهم، ومن المنتظر أن يسهم البرنامجان أيضا في حشد المزيد من الدعم للعمل الإنساني بأساليب إعلامية وتسويقية مبتكرة.نتمنى على الجمعيات الخيرية اجتراح مزيد من الأفكار الإبداعية التي تغرس قيم العمل الخيري وتنشر ثقافته وتستقطب المزيد من المتطوعين إلى هذا العمل النبيل.