12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل المقاطعة سلاح فعال ؟

02 يونيو 2024

لفت انتباهي بالأمس وأنا أقلب هاتفي كالعادة مشهد حي لطفل فلسطيني من غزة تظهر عليه آثار الحرب الدامية التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي من العام المنصرم، وقد يكون يتيم الأبوين قتلت القوات الإسرائيلية الآثمة أبويه وشرّدته بلا منزل أو مأوى وحاصرته بآلة القتل التي تجيدها تماما وهو يطالب العرب والعالم بأن يقاطعوا المنتجات والشركات التي تدعم الاحتلال وتسهم في تقوية أركانه ومساعيه لإبادة الشعب الفلسطيني، ويقول إن مقاطعتنا لكل هذه المنتجات تسهم بشكل ما في إضعاف شركاتها ماديا وبالتالي لا يمكنها من مساندة إسرائيل وترقية اقتصادها فما الذي جعل هذا الطفل البائس من توجيه هذه الرسالة المؤثرة لنا ونحن الذين دأب أكثرنا على تصوير موائده العامرة بما لذ وطاب من الطعام والشراب والتفاخر بعزائمه بل والسخرية من دعوات المقاطعة التي انتشرت عالميا منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على أطفال وأهل غزة المحاصرة، فرأينا الكثير ممن يقال عنهم ( المشاهير العرب ) ينفذون أعمالا ودعايات وإعلانات تروج لمنتجات أعلنت وبكل صفاقة ووقاحة إنها تدعم إسرائيل لا سيما في حربها الغادرة على غزة ؟! ما الذي دعا هذا الطفل عوضا عن استنهاضنا وتوبيخنا على استسلامنا أمام الفواجع الإنسانية التي نراها في أطفال ورُضّع ونساء وشيوخ وأهل القطاع أن يحثنا على المقاطعة التي قد تجدي نفعا على المدى البعيد إن استمرت وكبرت وانتشرت أكثر فأكثر ؟! وهل المقاطعة هي سلاح فعلا في التعبير عن إدانتنا لهذا الكيان المحتل الذي يزيد من طغيانه وتجبره وقوته وتؤثر تأثيرا مباشرا وفعالا في آلية دعمه من قبل الشركات العالمية التي لا تخجل من إعلان مساندتها له ومثل الصورة البشعة التي خرجت بها هذه الشركات في الحرب الأخيرة على غزة ؟! ولم خرج هذا الطفل الفلسطيني يسابق الدعوات للمقاطعة ومن قلب الحدث ليحث المتراخين عن المقاطعة بتنفيذها في وقت هو بحاجة للاستغاثة من الجحيم الدموي الذي يعيشه وليس الاستجابة للركوب في موجة المقاطعة كما نفعل نحن الذين اعتبرناه جهادا بالمال مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم «رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم ؟! ثم من لا يزال على نهج المقاطعة ولم يتراخ أو يتراجع بعد مرور أكثر من 200 يوم على العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة ؟! كثيرون والجميع يعلم !. بغض النظر عن جدوى المقاطعة التي لا أريد أن أتوسع بها ولكني على ثقة بأن الذين خرجوا في مقاطع يستفزون به العالم الذي اتخذ موقفا مغايرا عما قبل من القضية الفلسطينية هم الذين سوف يخسرون أو قد خسروا فعلا من قيمة أنفسهم ومتابعيهم والأهم أنهم خسروا وقوفهم مع الفلسطينيين الذي اعتبره وقوفا مشرفا لمن صبر وصمد على هذا الموقف لأن قضية فلسطين قضية انتماء وعقيدة لذا من المهم جدا أن نربي أجيالنا على هذه القضية كما تربينا نحن ونعلّمهم بأن فلسطين دولة تاريخها طويل يمتد لمئات وربما آلاف من الأعوام وإسرائيل كيان محتل مغتصب عمره 72 سنة فقط في قلب أمتنا العربية يحاول أن يبني لنفسه تاريخا مسروقا من فلسطين وإننا شعوب عربية لا تقوى على مجابهة الظلم الواقع على إخوتنا في فلسطين وإنما إدانة كل هذا في أنفسنا وبأموالنا كما نفعل الآن مع المقاطعة التي نؤمن بأنها جهاد في المال الذي نستطيع وبكامل إرادتنا وحريتنا على أن نمنع إنفاقه في القنوات التي تغذي شريان الاقتصاد الإسرائيلي بقدر ما نستطيع بإذن الله وإننا لقادرون على هذا بحول الله وقوته.