17 سبتمبر 2025

تسجيل

التقدم الاقتصادي في قطر

02 يونيو 2024

يزور خبراء اقتصاديون من صندوق النقد الدولي قطر بمعدل مرتين سنويًا. وأشار هؤلاء الخبراء في تقريرهم عن الزيارة التي قاموا بها في أوائل شهر مايو الماضي إلى تحقيق البلاد لمزيد من التقدم في تنفيذ النطاق الكامل للأهداف الاقتصادية الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة. وإذا كان يمكننا أن نستخلص أي شيء من هذا التقرير، فسنقول إن الأحكام الصادرة عن هؤلاء الخبراء في زيارتهم الأخيرة أكثر إيجابية من الأحكام التي أصدروها بعد زيارتهم السابقة في نوفمبر 2023. وفي الوقت الذي كانت تعاني فيه الدول في معظم أنحاء العالم من ضغوط مالية، تحدت قطر هذا الاتجاه ورفعت من تصنيفها الائتماني الصادر عن وكالات التصنيف الرئيسية الثلاث، ووصلت بدرجة أمان الاستثمار فيها إلى درجة أعلى من تلك التي تتمتع بها بعض الدول الأعضاء في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. ويُقدر الفائض المالي لعام 2023 بنحو 5.5 % من الناتج المحلي الإجمالي. وقد قُدِّر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2023 بنحو 1.3%، ومن المتوقع أن يصل إلى أدنى مستوياته ثم سيرتفع إلى 1.75% في الفترة 2024-2025. وتظهر الإحصائيات أن النمو الاقتصادي استمر لفترة طويلة بعد استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم في أواخر عام 2022. وبعد وقت قصير من زيارة صندوق النقد الدولي، أعلنت وزارة المالية عن تحقيق فائض مالي قدره 2 مليار ريال قطري خلال الربع الأول من عام 2024، وأكدت أن الفائض سيتم توجيهه لخفض الدين العام. وإذا كانت المؤشرات الاقتصادية الإيجابية تعكس ببساطة أرباح الاقتصاد القائم على النفط والغاز في وقت ترتفع فيه أسعار النفط، فلن يكون الأمر جديرًا بالملاحظة، لكن صندوق النقد الدولي أفاد أيضًا بإحراز تقدم كبير في الجهود الرامية لتنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز نضج النظام المالي والاقتصاد المحلي. وقد ساعدت استثمارات القطاع العام في تشجيع الاقتصاد غير النفطي، مثلما حدث في قطاع السياحة. وقد تحسن الميزان الأولي غير الهيدروكربوني بأكثر من نقطتين مئويتين من الناتج المحلي الإجمالي غير الهيدروكربوني. ويدعم تزايد المرونة الاقتصادية نضج القطاع المصرفي والمالي. ورغم ارتفاع نسبة القروض المتعثرة إلى 3.8 % خلال الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بنسبة 3.6 % في نهاية عام 2022، إلا أنها ما زالت تتمتع بمخصصات جيدة. وأشارت التقارير إلى ارتفاع معدلات تغطية السيولة وصافي التمويل المستقر، حيث بلغت 174 % و140 % على التوالي، خلال الربع الأول من عام 2024. وقد شجعت التدابير التي اتخذها مصرف قطر المركزي للحد من عدم التطابق بين الأصول والخصوم الأجنبية قصيرة الأجل في البنوك على تعزيز التمويل المحلي الأطول أجلاً، حسبما أفاد صندوق النقد الدولي. وقد أشاد صندوق النقد الدولي بالاستراتيجية الثالثة الجديدة للقطاع المالي، التي تهدف إلى تعميق الأسواق المالية، وتشجيع الادخار، وتقديم المزيد من فرص الاقتراض والاستثمار، وتطوير قطاع التأمين، وتشجيع سياسات التكنولوجيا المالية والشمول المالي. وبشكل منفصل، تجدر الإشارة إلى نجاح أول سندات خضراء في قطر، حيث أعلنت وزارة المالية في شهر مايو عن إصدار سندات بقيمة 2.5 مليار دولار لتمويل مشاريع مسؤولة بيئيًا، وهي السندات الأولى من نوعها في المنطقة. وتم تقسيم السندات إلى شريحتين: شريحة بقيمة مليار دولار أمريكي بأجل استحقاق مدته خمس سنوات بسعر 30 نقطة أساس موزعة على سندات الخزانة الأمريكية، وشريحة بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي بأجل استحقاق 10 سنوات بواقع 40 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية. وذكرت الوزارة أن هذا هو أدنى فرق سعر في دولة مصدرة للسندات في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا الوسطى والشرقية. وتجاوزت نسبة التغطية 5.6 ضعف حجم الإصدار. ومن غير المرجح أن يكون التنويع والتحول الرقمي استراتيجيات فعالة دون تطبيق سياسات وقوانين داعمة لسوق العمل. ويعمل معظم المواطنين القطريين في القطاع العام، وتعتمد الكثير من أنشطة ريادة الأعمال والقطاع الخاص على القوى العاملة الوافدة. ومن ثم، فقد طرحت الدولة برامج جديدة للتأشيرات، ووفرت فرصًا لإعادة اكتساب المهارات وتطبيق نظام ساعات العمل المرنة. وهناك جهود متضافرة لتشجيع الاستثمار، وتقديم أشكال الدعم الأخرى لشركات التكنولوجيا المالية وغيرها من الشركات الناشئة.