20 سبتمبر 2025

تسجيل

العضو القادم وإشكالية الوجود

02 يونيو 2021

اضطر المشرع أن يتعامل مع خريطة قطر السكانية تعاملاً جسدياً لخلو المجتمع من الأفكار، لذلك وضع خريطة الدولة أمامه، ونظر في تمركز وجود القبائل والعوائل الأساسي في الخريطة وعلى الأرض، وجعل من هذا الخيار الجسدي الأولي الركيزة الأساسية لمشروع قانون الانتخاب للمجلس القادم، الذي ينتظر منه أن يكون نقلة فكرية ثقافية في تاريخ الدولة، وفي تاريخ التجربة القطرية في مجال الشورى. خلو المجتمع من الأفكار يعزز هذا التوجه لكن لا يعفي من المسؤولية التاريخية لغيابها في مجتمع له من التاريخ في مجال البعثات التعليمية ما يتجاوز النصف قرن من الابتعاث لجميع دول العالم طلباً للعلم. لست هنا كما ذكرت تكراراً بصدد بعث الإحباط بقدر ما يهمني أن أرصد العقبات قبل أن تتعثر الجهود، أدرك حرص المسؤولين على أهمية إعطاء جميع مكونات المجتمع الأصيلة فرصة التمثيل، لكن أشير هنا إلى أن للفرد أياً كان نوعان من الوجود، الوجود الفيزيقي المادي والوجود المعنوي الثقافي. العملية الانتخابية في كل تجلياتها وفي أماكن كانت تسعى إلى تحقيق الوجود الثاني المعنوي الثقافي وإبرازه، فالشخص هو فكره وما يحمله من رأي وامتداد خارج جسمه المادي. تراجع المناطقية وتقدم القبائلية في تشكل الرؤية لدى المشرع دليل على تراجع المجتمع ثقافياً مهما كان عدد الخريجين وحملة الشهادات العليا وبرامج المراكز البحثية ومحاضرات معاهد البحوث الجامعية. يجب أن نعي أن الثقل الآن سيكون منصباً على قانون من هو القطري المؤهل تاريخياً للترشح؟، وهو جزء مهم بلا ريب ولا شك، إلا أن اعتبار الفرد وجوداً ثقافياً انتجه حراك المجتمع الثقافي والمدني مع ذلك كان سيحقق القفزة النوعية منذ البداية وسيعوضنا عن سنوات الانتظار السابقة بشكل أكثر فاعلية. البلد والمجلس القادم يحتاجان وجوداً ثقافياً، لأنه امتداد إنساني للجسد، ويكشف عن حقيقته الأولى بعيداً عن حجمه أو ضخامته. أخشى ما أخشاه أن يكون العضو جسداً بلا امتداد بعد كل هذا التاريخ منذ إنشاء أول مجلس للشورى في قطر. حفظ الله قطر وأميرها وشعبها وكل من سكن أرضها الطيبة. [email protected]