08 أكتوبر 2025

تسجيل

بين الخنق والتقطيع إرادة شعوب !

02 يونيو 2020

هي العنصرية ذاتها التي بنى المهاجرون الأوروبيون الأوائل كيانهم وعقيدتهم على أراضي قارتهم الجديدة قبل قرون، ومنذ ذلك التاريخ وعنصريتهم المقيتة أكثر ما يميزهم فهي خارجة عن إطار الإنسانية والدين والأعراف والمنطق ولا تعرف إلا لغة التفرقة وفرض سلطة القوة لعرق بذاته دون سواه ! فلو استعرضنا فقط تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الحديث لوجدناه مليئا بالحوادث العنصرية التي يفتعلها الأمريكيون البيض ضد مواطنيهم السود ينجم عنها الفوضى والمظاهرات التي تطالب بفرض المساواة بعد عشرات العقود من العزل العنصري أفضى إلى ثورة قادها مارتن لوثر للمطالبة بالحقوق المدنية ليتم الاستجابة لهذه المطالبات بتوقيع الرئيس جونسون لهذا القانون معلناً تجريم التمييز واعتباره أمراً مخالفاً للقانون، وما كان لهذا القانون أن يُقر لولا التضحيات التي قدمها كل من ناضل من أجل تطبيق مبدأ المساواة بين الأعراق وعدم التفرقة بينهم. بيد أنه وبالرغم من إلغاء التمييز العنصري إلا أن بلاد العم سام التي يتغنى بها مثقفونا وأصحاب الفكر الرأسمالي بأنها عاصمة الحرية والمساواة لا تزال تعيش على ذكرى عنصريتها القديمة، لاسيما بعد اغتيال رمز النضال والحرية الذي كان حامل مشعل الخلاص من العنصرية المتخلفة التي يعيشها البيض الأمريكيون، فقد خلّف اغتيال مارتن لوثر الكثير من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي أدت إلى مقتل الكثيرين والخسائر المادية كانت أكثرها في حقبة الستينيات ولم تهدأ وتيرتها إلا في السبيعينات والثمانينات، ولكن لا تزال آثارها باقية في النفوس حتى يومنا هذا لأن العنصرية كامنة في النفوس وتُشعلها الحوادث لتصبح كالنار في الهشيم في أي لحظة ! ولعله من المؤلم ونحن نعيش في زمن الحريات والقوانين التي تصون ليس فقط حرية الإنسان وحقوقه بل حتى الحيوانات وما زال من في قلبه كم كبير من الحقد على عرق مختلف عن عرقه أو دين غير دينه أو حتى معتقدات تُخالف معتقداته فتجرّد من إنسانيته ليمارس عنفه وكراهيته تجاه أخيه الإنسان، فما حدث لجورج فلويد هو نفسه الذي يحدث للإنسان الفلسطيني الذي يحتل الصهاينة أرضه ويمارسون ضده قوانينهم العنصرية التعسفية، وهو نفسه الذي تمارسه السلطات المصرية مع كل من يعارض سياستها سواء كانوا من الإخوان المسلمين أو من غيرهم من الأحزاب المصرية الأخرى، أو ممن يقبعون في السجون الإماراتية لأنهم فقط طالبوا بأن تحقق لهم السلطات مطالبهم المشروعة، أو من تتكدّس بهم السجون السعودية من الناشطين والناشطات والعلماء والحقوقيين والمفكرين السعوديين لأنهم فقط لا تتناسب وتتماشى أفكارهم مع فكر ولي عهد مملكتهم وما يحمله من رؤى وفكر يزعم أنه سيأتي بالخير والسؤدد لبلاده التي استنزفت ثرواتها ما لم تستنزفه في عشرات السنوات الماضية !! مات فلويد بطريقة مهينة فقامت من أجله كل أمريكا و " خنقت " ترامب وكل سلطاته وما يملك من قوة اتحادية، بينما نحن ما زلنا نعيش فقط على ذكرى أيقونة ثورات الربيع العربي المناضل البوعزيزي، ولكن لا يزال الملايين من أمتنا العربية " يختنقون " و " يُقطّعون " بالطريقة التي قضى فيها المرحوم جمال خاشقجي ولا يتجرأ أحدٌ منّا على أن يلفظ ببنت شفة بل ويُرغم على العفو والصفح عمّن ارتكب في حق ابنه أو أخيه أو أبويه أو عزيز عليه جريمة قتل متعمدة !!فاصلة أخيرة مسؤول أمريكي غرّد قائلاً: حرق مدينة أمريكية بالكامل لن يُرجع جورج فلويد إلى الحياة ! فرد عليه مواطن أمريكي ساخطاً بالقول: إن تفجير الشرق الأوسط بأكمله لن يصحح حادثة 11 سبتمبر ! [email protected]