20 سبتمبر 2025

تسجيل

الهيمنة الأمريكية... قصة تراجع من سوريا إلى أوكرانيا

02 مايو 2023

شكّل التردد الأمريكي، وما وصف بالتواطؤ الأمريكي بالصمت أو أكثر منه مع الروسي في التدخل بسوريا عام 2015 بداية تراجع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، حيث رأى كثير من حلفاء واشنطن أنها سمحت للروسي بالوجود في منطقة كانت شبه محرمة عليه، وهو ما قرع أجراس خطر لدى بعض الأنظمة والدول، التي رأت روسيا تعزز حضورها في شرق المتوسط، وتدعم أنظمة بكل ما أوتيت من قوة، مما جعل هذه الدول تعوّل على روسيا ببقائها في السلطة أكثر من دعم واشنطن، ومع التراجع الذي حصل لواشنطن إن كان بانسحاب قواتها من العراق، أو بانسحاب فوضوي من أفغانستان زادت قناعة كثير من هذه الدول بتراجع الهيمنة الأمريكية في المنطقة والعالم بشكل عام، مما عزز توجهها الجديد في الاعتماد على روسيا والصين، وهي التي ترى تخلي أمريكا عن حلفائها، وتتنكب لمبادئها في دعم قوى التغيير والديمقراطية في العالم العربي. تجلّى التحدي الإقليمي للسياسة الأمريكية والغربية بشكل عام في التقارب السعودي والإماراتي مع الصين وروسيا بشكل عام، وهو ما أزعج القيادة الأمريكية، ووصل أمر التحدي إلى أن ترفض دولة جنوب أفريقيا الالتزام بمذكرة القبض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن أصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرة بالقبض عليه لما وصفته بجرائمه في غزوه أوكرانيا، وهو تحد لافت، وسبق أن فعلته جنوب أفريقيا مع عمر حسن البشير، وواصلت جنوب أفريقيا تحديها هذه المرة بإقامة تدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا، أما على الصعيد الهندي التي تعد اليوم واسطة لبيع النفط الروسي إلى العالم في مسعى لكسر العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، فقد أعلنت بشكل علني دعمها روسيا في المحافل الدولية، وكشفت وثائق نشرتها أخيراً الواشنطن بوست عن رفض مستشار الأمن القومي الهندي لضغوط أمريكية بدعمها في الأمم المتحدة ضد غزو روسيا لأوكرانيا. في أمريكا اللاتينية فإن البرازيل بدأت تقدم نفسها كوسيط بين الطرفين الغربي والروسي، وهو أمر لا يروق لواشنطن في مثل هذه الظروف، أما الأرجنتين فقد دعت إلى تشكيل محور علني من دول أمريكا اللاتينية ليكون وسيطاً في الحرب الأوكرانية، العقيدة العسكرية والسياسية الأمريكية التي تميزت طوال العقود الماضية في حشد العالم ودوله وراءها في أي عمل عسكري إن كان ضد صدام حسين في حربين عليه، أو ضد معمر القذافي أو طالبان والقاعدة، وداعش وغيرهم، يبدو أن هذا المبدأ اليوم على المحك، فلم يعد صالحاً في ظل تراجع الهيبة الأمريكية وتقدم محور الصين وروسيا، وبالتالي لم تعد أمريكا قادرة على حشد مثل هذا العدد الضخم من ورائها، وهو الأمر الذي يهدد مكانة زعامتها، ويدفع بقوى أخرى لتحديها، ويُبعد قوى صغيرة أخرى عنها مما يضع العالم في خانة تعدد القطبيات وتعدد المحاور.