13 سبتمبر 2025
تسجيلفي الأسبوع الماضي استعرض الاجتماع الـ 113 للجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، آخر المستجدات حول الدراسات التي يتم اعدادها من قبل الأمانة العامة، حيث استعرضت اللجنة مذكرة الأمانة العامة بشأن "سلع الرفاهية". هذا الخبر صدم الكثير من مواطني مجلس التعاون الخليجي لما فيه من إشارات واضحة بأن هناك المزيد من الضرائب تلوح في الأفق، ولعل المضحك المبكي في هذه الضريبة هو "مطاطية" المصطلح او الاستخدام لكلمة "رفاهية" والتي سيتم تصنيف السلع على أساسها لجباية الضرائب عليها لاحقا. وحتى لا نستعجل في الحكم على فكرة فرض ضريبة على سلع الرفاهية دعونا أولا نحاول فهم معناها في علم الاقتصاد بعيدا عن معناها اللغوي، وخلال بحثي عن مفهوم السلع التي يمكن ان تدرج تحت مسمى "رفاهية" وجدت دراسة علمية منشورة في احدى المجلات الإلكترونية العلمية الدولية، والتي تهتم بدراسات التسويق الدولي وإدارة الابتكارات وهي دراسة لباحث في جامعة الاقتصاد في كاتوفيتشي بجمهورية بولندا نشرت عام 2017، ويناقش فيها الباحث "النظرية الاقتصادية للسلع الكمالية" او ما يمكن ان يطلق عليها سلع الرفاهية، فقد عرف الباحث السلع الكمالية بناء على علم الاقتصاد" بأنها تلك السلع الفاخرة التي ينمو فيها الطلب بشكل أسرع وأكثر من زيادة دخل المشترين المحتملين، وهي بخلاف السلع "الضرورة" التي ينمو الطلب عليها بوتيرة أبطأ بكثير من الدخل". هذا هو المفهوم العام اقتصاديا للسلع الرفاهية كما طرحه الباحث في دراسته، ولكن ما لفت نظري في الدراسة ان الباحث تطرق لعدة مسائل مهمة يجب ان تؤخذ في الحسبان قبل ان يتم تصنيف أي سلعة كمنتج رفاهية او كمالية، حيث ان هناك نوعا من النسبية في التعريف او الوصف لتحديد منتج ما كسلعة رفاهية، وهذه النسبية تعتمد بشكل أساسي على عدة عوامل من أهمها الزمان والمكان والحالة الاقتصادية او الوضع الاقتصادي وحتى الثقافة العامة للمجتمع، فما هو رفاهية في منطقة او إقليم او حتى دولة ما، لا يعتبر كذلك في مكان اخر، وقد يكون هذا المكان دولة مجاورة للمنطقة المطبق فيها هذه الضريبة. فمثلا، هناك سلع كانت في بداية الألفية تعتبر كمالية او رفاهية، أصبحت الآن من الضروريات التي من الصعب الاستغناء عنها حتى إن ذوي الدخل المحدود او لنقل حتى الفقراء يحاولون اقتناءها ويوفرون الأموال ليستطيعوا شراءها، لا ليتفاخروا بها ولكن لأهميتها لربطهم بالعالم بأكمله، مثل الهواتف الذكية والحواسيب الالكترونية وغيرها من التقنيات الحديثة التي فرضت نفسها على حياتنا اليومية والاجتماعية، ومن ناحية أخرى هل دعم الأندية الرياضة والنشاطات الثقافية والفنية نوع من الرفاهية المجتمعية التي يجب ان تفرض عليها ضرائب؟ مجرد تساؤل. ان مستقبل فرض الضرائب على مواطني دول مجلس التعاون قادم لا محالة، وهو الامر الذي لا تتمناه غالبية الشعوب الخليجية، ولكن ان كان هناك حتمية من فرض مثل هذه الضرائب فحري بالقائمين على منظومة مجلس التعاون الخليجي العمل على توضيح وتحديد المفاهيم الأساسية ووضع التعاريف المناسبة والواضحة والجلية للمسميات المستخدمة لهذه الضرائب، وعليهم البعد عن استخدام الكلمات المطاطية، والتي يمكن ان تترجم او تفهم بشكل خاطئ، مما ينتج عنه أعباء مالية ومعيشية على مواطني مجلس التعاون. @drAliAlnaimi