24 سبتمبر 2025

تسجيل

من الأجدر بالنقد أكثر؟

02 أبريل 2023

من الأجدر بالنقد أكثر؟ الأحياء أم الأموات؟ هذا السؤال لا تجيب عنه ثقافتنا إجابة عقلانية، بل إجابة عاطفية، حيث الأموات أفضوا إلى ربهم، أخطاء الإنسان هي أعظم ما يخلفه وراءه من حصيلة حياته خاصة إذا كان مسؤولًا أو تبوأ مكاناً كان يرتبط به مصير الكثير من الناس، والنقد هنا لا يعني المساس، ولكن يعني تقييم العمل، تبجيل الموت يختلف عن تبجيل الميت، ما لم نخرج من تراثنا ثم نعود إليه بعد تمحيصه لن يكون رافعة بقدر ما يصبح عقبة، الإشكالية الثقافية التي نعاني منها ليست في نقد عمل الأموات ولكن في التشفي من الأموات ذاتهم، وهذه نتيجة واضحة لتقديسنا للموت، وليس لاحتفائنا بالحياة، في الغرب نقد الموتى ليس محرماً ولا مذموماً، النقد الذي يضعهم في مواضعهم الحقيقية في العقل الجمعي للمجتمع، النقد الموضوعي وليس التشفي الذي يمثله إنسان «الغل» في ثقافتنا العربية، حيث إنها مجتمعات «خوف» والخوف يخفي المشاعر الحقيقية، إلى أن يزول لتنفجر بعد ذلك بلا عقلانية، أذكر أنني رأيت شعاراً لأحد الرؤساء العرب مرفوعاً في بلده يقول فيه «لو كان الخوف رجلاً لقتلته ليأمن شعبي» وبعد رحيله المأساوي شبع تشفياً من أطياف شعبه، الذين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون خوفاً ورعباً منه دليلاً على أنه لم يقتل الخوف بل الخوف هو الذي قتله، نحتاج العقلانية في النقد للأموات قبل الأحياء، نقد أعمالهم لتجاوز أخطائهم وحتى تصبح لدينا الجرأة بعد ذلك لعقلنة تراثنا كأمة وحياتنا كأفراد لاستشراف ذاكرة المجتمع والأجيال نحونا بعد موتنا.