17 سبتمبر 2025

تسجيل

الخريجون بين الوظيفة والتخصص

02 أبريل 2019

سنوات طويلة يقضيها خريجو الجامعات ما بين جد وبحوث ومشاريع واختبارات في دراسة تخصصات شتى، مؤملين الحصول على شهادات جامعية تؤهلهم للالتحاق بسوق العمل والتعيين في وظائف تتناسب مع مجال تخصصهم الجامعي لكن الشواهد تنبئ عن واقع آخر، فكم رأينا وسمعنا عن توظيف الخريجين في إدارات وأقسام تخالف تخصصاتهم، في ظاهرة قل أن تسلم منها وزارة أو مؤسسة، حين توضع الأمور في غير نصابها الصحيح، مما نرى ونلمس آثاره السلبية على مستوى الأداء ودرجة الإنتاجية في مختلف القطاعات الوظيفية. وما تزال الفجوة قائمة بين سوق العمل والتعليم شاهدة على سوء التخطيط في طرح التخصصات الجامعية المطلوبة، وفي استقطاب الخريجين في الوظائف المتوافقة فعليا مع تخصصاتهم الجامعية. بينما يلجأ كثير من الطلبة الى دراسة تخصصات تتعارض مع ميولهم وقدراتهم أو تدفعهم إلى وظائف ليسوا راغبين بها، نظرا لإجراءات ومتطلبات القبول والتسجيل، وانتشار المفهوم الشائع في الحصول على الشهادة الجامعية لمجرد الحصول على درجات وظيفية ورواتب شهرية، رغم اختلاف ميدان العمل عن مجال التخصص. ما زلنا نعاني تأثيرات ضعف التنسيق وضبابية الرؤية ما بين متطلبات سوق العمل والتخصصات الجامعية، ناهيكم عن المحسوبيات والواسطة والاعتبارات القبلية والمصالح الشخصية. وهذه العوامل أدت الى تعيين كثير من خريجي الجامعات في وظائف شتى، ليست لها علاقة قريبة بالتخصص أو المؤهل الجامعي. مما يعد هدرا للجهود والأوقات والموارد البشرية، ويعمل على إشاعة الجمود وفقدان الرغبة في العطاء والتطور وانخفاض معدلات الأداء الوظيفي. والمسؤولية عن ذلك تقع على عاتق وزارتي التعليم والتنمية الإدارية. لقد اصبح من الضروري أن تعمل كليات الجامعة وأقسامها على إعداد وتنفيذ برامج تدريبية تدمج الطلبة في أجواء سوق العمل وتركز على الجوانب التطبيقية المهارية بدرجة أكبر. ومن ناحية أخرى فإنه يتوجب على الوزارات والمؤسسات بالدولة أن تصحح مساراتها بإعادة توزيع الوظائف العامة والمناصب والوظائف القيادية والإشرافية على منسوبيها وفق تخصصاتهم وخبراتهم العملية بشفافية وموضوعية تحقق مقتضيات المصلحة العامة للوطن والمواطن. لذلك تغدو الحاجة ماسة إلى تصحيح مسار التوافق بين التخصصات الجامعية وسوق العمل بدرجة أكثر جدية ومصداقية، إضافة الى إعادة ترتيب البيت الداخلي في كل وزارة ومؤسسة بإسناد المهام والمسؤوليات الوظيفية إلى من يستحقها من المؤهلين وأصحاب الخبرات، وبذلك نحقق ما نصبو إليه في رؤيتنا الوطنية من أهداف وطموحات. [email protected]