11 سبتمبر 2025
تسجيلكنا قد تناولنا الأسبوع الماضى فى مقالنا السابق عن التعليم والذى جاء تحت عنوان " معضلة تطوير التعليم " .. تلك المشكلة التى تؤرقنا جميعا فى بلادنا العربية .. حيث كان لها أبلغ الأثر فى مشكلاتنا فى الوقت الراهن وسوف تؤثر على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة .. وتوصلنا فى نهاية المقال إلى أن التعليم صناعة يجب أن تتناسب مع إحتياجات المجتمع والمستهلك .. كما حددنا مخرجات التعليم والتى تشمل ثلاثة عناوين أساسية هى : - المعرفة knowledge - المهارات skills - التوجهات attitudes وكنا قد وعدنا القارئ الكريم بتناول الموضوع من هذه الزاوية .. والبداية تكون بأن نجعل تطوير التعليم مشروعنا القومى وموضع إهتمام جميع طوائف المجتمع واضعين الآتى نصب أعيننا : أولا : أن يتفق جميع أطراف العملية التعليمية على أن التعليم " صناعة " . ثانيا : فى الصناعة تكون أول وأهم خطوة على الإطلاق هى تحديد مواصفات " المُنتَج " . ثالثا : يجب بطبيعة الحال أن يتناسب هذا المنتج مع احتياجات المجتمع أو " المستهلك " . رابعا : تأسيسا على هذا يتم تحديد وسائل تصنيع هذا المُنتَج المحددة مواصفاته بكل دقة . وفى مجال التربية والتعليم فإن " المُنتَج " هو الطالب .. و" المستهلك " أو " المستفيد " هو المجتمع . وعند تحديد مواصفات المُنتَج " الطالب " يجب أن تتحدد المخرجات التى يجب أن يكتسبها الطالب فى نهاية كل مرحلة تعليمية ( الإبتدائية .. الإعدادية .. الثانوية .. الجامعية ) .. ولعل هذه هى أصعب وأدق الخطوات لأنها الأساس الذى سيُبنى عليه ما بعدها على نحو ما سيأتى لاحقا فى هذا المقال . كما ينبغى علينا أن نحدد وبكل دقة ودون أى تساهل الحد الأدنى للمُخرجات التعليمية لطلاب كل مرحلة . ملحوظة فى غاية الأهمية .. عدم دمج المرحلتين الإبتدائية والإعدادية معا حيث أن بعض الدول تدمجهما تحت مسمى مرحلة التعليم الأساسى .. وهناك من خبراء التربية والتعليم من يفضل تقسيم المرحلة الإبتدائية إلى قسمين ليكون تحديد المُخرجات التى يكتسبها الطالب أكثر دقة . وبناء على ما سبق نتحول للخطوات التالية والمتمثلة فى : 1- وضع المناهج .. وهنا يجب أن يشترك فى تلك المهمة خبراء تعليم وأساتذة جامعات ومدرسين للمواد المختلفة فى المدارس الحكومية والخاصة مع مندوبين أو ممثلين لطوائف أو شرائح المجتمع المختلفة ( بإعتبار أن المجتمع هنا هو المستهلك ) . 2- وضع أحسن الطرق لتطبيق ( تدريس ) هذه المناهج .. وفى هذه النقطة يجب التوصية بتحديد الإمكانيات المطلوبة للتطبيق مثل ( معامل علوم ومعامل لغويات ومكتبات وغرف للوسائط المتعددة الأغراض ومسجد وغرف للأنشطة المتنوعة وملاعب رياضية مختلفة .. وخلافه ) . 3- الإهتمام بحصص التربية الدينية وتعليم الطلاب أصول ومبادئ دينهم ( إضافة لما هو موجود فى المناهج والكتب المدرسية ). 4- الحرص على حصص التربية الرياضة والإنخراط فى طابور الصباح بما يمثله ذلك من انضباط ومنافسات شريفة فى الخطابة والشعر والموسيقى . 5- العمل على ترسيخ مبادئ وأصول التربية القومية والإحتفال بالمناسبات الوطنية المختلفة . 6- وضع وتحديد طرق تقييم الطالب مثل أنظمة الإختبارات القصيرة والإمتحانات .. وتحديد عدد الأسابيع والفصول الدراسية . 7- الإتفاق على من سيقوم بتطبيق ( تدريس ) هذه المناهج ومستواه العلمى والتربوى والدورات التدريبية الحاصل عليها أو التى يجب أن يحصل عليها للنجاح فى الطرق المُثلى لمهمته الشديدة الصعوبة .. ونقصد بذلك المعلم ومن يعاونه فى أداء مهمته .. وأستأذن القارئ الكريم أن يكون لذلك مقال خاص . 8- تقييم مخرجات العملية التعليمية بالكامل .. وتلك بدورها يجب أن تخضع للمراجعة المستمرة للعمل على مواكبة تطورات العلوم المختلفة .. وأيضا ما قد يطرأ على المجتمع من إحتياجات . 9- توحيد " الحد الأدنى " لمخرجات التعليم لطلاب المدارس المختلفة من حكومية وخاصة ودولية وخلافه .. وهذا التباين والإختلاف فى أنواع المدارس نشأ وتزايد فى العقود الأخيرة نتيجة للتقدم التكنولوجى الهائل الذى جعل العالم كله قرية صغيرة . والخلاصة أننا لسنا مع إقامة مبانِ جديدة وحديثة ينقش عليها أسماء العلماء أو الأبطال أو المناسبات الإجتماعية والتاريخية فقط .. برغم الأهمية القصوى لذلك .. ولكننا أيضا يجب أن نهتم بالبشر .. سواء من يتعلم أو من يقوم بالعملية التعليمية أو من يتابع ذلك ويضبط إيقاعه .. مما يعنى أننا نهتم بالبشر أكثر من إهتمامنا بالحجر .. وسيكون هذا هو موضوع مقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين [email protected]