13 سبتمبر 2025

تسجيل

الأردن.. لاجئون ومغتربون

02 أبريل 2013

لأول مرة عبر تاريخ الحكومات التي تتوالد في الأردن بشكل غير مفهوم، يتم تسمية وزارة الخارجية بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، وكأن مهمة وزير الخارجية الأردني هي متابعة شؤون الرعايا الأردنيين في الخارج وفي دول الاغتراب، رغم أن لا وزير الخارجية ولا السفراء المعنيون في دول العالم يقومون بواجبهم على أكمل وجه إلا قليل جدا منهم، لا يعدّون على أصابع اليد الواحدة، حتى بات العرف عند الأردنيين في الخارج أن سفاراتهم ليست سوى دوائر قنصلية للتعاملات الوثائقية، وليس هناك من يتابع شؤونهم، لهذا كان من الخطأ تلك التسمية إلا أن تغيرت المنهجية وبدأت الحكومة فعلا بالاهتمام بالأردنيين المغتربين، وهذا من المستبعد في ظل تلك المعطيات المحبطة. هنالك إدارة للشؤون القنصلية والمغتربين في وزارة الخارجية الأردنية، وكان الأجدى أن يتم إنشاء دائرة منفصلة يتم تفعيلها تعطي صلاحيات واسعة ويقدم لها كافة الخدمات والدعم المعلوماتي ويترك لها صنع القرار لتعامل مباشرة مع جميع المغتربين الأردنيين في الخارج لتقديم الخدمة لهم ورعاية مصالحهم والتنسيق بين كافة الدوائر المعنية لخدمة قضاياهم، وللأسف هناك كم هائل من المشاكل العالقة على طريق الأردنيين في الخارج لا تستطيع السفارات ولا وزارة الخارجية حلهّا ولا حتى تقديم المساعدة لها، لأن بعض السفارات في الدول المهمة تمنح كجوائز وترضيات وعلى أسس محاصصة لعلية القوم، لا خدمة لرعايا الوطن. يقدر عدد الأردنيين في الخارج بحوالي مليون وربع مواطن غالبيتهم يعملون في دول الخليج العربي، وهم يشكلون أنموذجا رائعا في القوى العاملة في الدول الشقيقة، واكتسبوا ثقة الأشقاء واحترامهم، وهذا ينعكس إيجابا على العلاقة ما بين الدول الشقيقة والأردن، كما أنهم يشكلون رافدا أساسيا من روافد دعم الاقتصاد الوطني عن طريق تحويلاتهم المالية لأسرهم ولتداول أموالهم نحو السوق الأردني، فضلا عن وجود أعداد لا يستهان بها من كبار المستثمرين الأردنيين في شتى القطاعات في الخليج العربي، ويعملون بملايين الدولارات هناك، ومنهم من يحمل جواز سفر أردني مؤقت، ولا يلقى الرعاية أو العناية رغم أنه يستثمر بعشرات الملايين. لهذا كان من المهم جدا ومنذ وقت بعيد أن تهتم الحكومات الأردنية بهذه الشريحة الوطنية المهمة، المحتاجة لجسور العلاقة مع وطنهم المبنية أرضية العلاقات العليا المحترمة ما بين الأردن والدول المستضيفة للجالية الأردنية، وحمايتها من تقلبات المزاج السياسي بين عمان والعواصم الأخرى التي تعكرّ صفو حياة أبنائنا في الدول الشقيقة، وهذا للأسف يغيب أحيانا عن تفكير بعض المسؤولين الأردنيين الذين لا يفكرون سوى بما يخدم مصالحهم أو مصالح الدوائر التي يؤمنون بها. في المقابل هناك كم هائل من اللاجئين المزمنين والجدد أصبحوا اليوم يقتربون من نصف عدد السكان، وقد تزيد هذه النسبة إذا ما بقي التدفق اليومي للاجئين السوريين، ويشكل لجوء الأشقاء من الأراضي السورية نحو الأردن ضغطا هائلا على كافة مناحي الخدمات والموارد التي لا تكاد تكفي السكان المحليين، فقرية مثل "الزعتري" التي بني مخيم الزعتري للاجئين السوريين بجوارها، تفتقر منذ أمد بعيد إلى أقل الخدمات، بل إن الخدمات التي توفرت لسكان المخيم الجديد أغرت بعض سكان تلك القرية البدوية إلى التسلل والسكن داخل المخيم، لتوفير الغذاء والدواء والمساعدات لهم. في الأردن لك أن ترى كافة التناقضات تسير يدا بيد على جانب واحد من الطريق، لذلك فإن الطبقة السياسية العليا في الدولة لا تفكر بمنطق الآخر، ولا تبحث عن حلول نهائية وجذرية للمشاكل المزمّنة، بل يخيل لك أنهم مرتاحون لتجدد المشاكل لا لانتهائها، لهذا لم يفكروا في كيفية التعاطي مع مشكلة اللاجئين من ناحية لوجستية ومادية قبل أن تتفاقم الأزمة، وقبل أن يصبح اللجوء إلى الأردن قدرا لا مفر منه، فيما هناك قرى لا تبعد عن مركز العاصمة أكثر من ثلاثين كيلومترا تفتقر إلى أبسط الخدمات، حيث لا مدارس محترمة، ولا مراكز نشاطات للشباب ولا مؤسسات خدمات مجتمعية، وكل ذلك يترك للجهود الفردية للسكان المحليين. من هنا يبدأ الشك يتسلل إلى مخيلاتنا، بما أن عقل الدولة بدأ بإعلان وزارة لشؤون المغتربين، دون أن تقدم لهم أي شيء وهم يقدمون للوطن كل شيء، فهل سنرى عما قريب وزارة لشؤون اللاجئين في الأردن تعنى بشؤون هذه الملايين من اللاجئين الذين قد يطول أمد انتظارهم على رصيف هذا القرار العربي الضعيف الذي يساعد في موت وتشريد المواطن العربي لأبسط سبب، ولا تستطيع كل هذه الدول المدججة بالسلاح والمدعومة بمليارات الدولارات أن توفر لمواطن عربي واحد الأمن والبيئة المناسبة للعيش الآمن.