15 سبتمبر 2025
تسجيلبعد أن تتوطد العلاقة بينهما، يوجه الجندي سؤالاً للأسير: ما الذي تكرهه في وطنك؟ فيبدأ الأسير بسرد بعض الأمور التي لا تعجبه، وعندما تصبح نبرة صوته أكثر حدة، وتظهر ملامح الغضب على تقاسيم وجهه، يشاركه الجندي سيجارة أمريكية مألوفة، فيشعر الأسير بأن الجندي شخص ودود وليس بعدو. كانت هذه أحد الحيل التي لجأ إليها الشيوعيون للتعامل مع الأسرى الأمريكيين في الحرب الكورية. فبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وانسحابها من كوريا، تقاسمت كوريا كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وحاول كل طرف السيطرة على الحكم في البلاد، حتى اندلعت الحرب عام ١٩٥٠ واستمرت لثلاث سنوات، وانتهت بتقسيم كوريا إلى جنوبية رأسمالية وشمالية شيوعية. وحين عاد الأسرى الأمريكيون لبلادهم بعد انتهاء الحرب، كانت المفاجأة بأن الكثير منهم تبدلت مبادئهم ومعتقداتهم. نشرت وزارة الدفاع الأمريكية بحثاً يشرح الحيل والتقنيات التي استخدمها الشيوعيون في التحقيقات مع الأسرى، والتي استطاعوا من خلالها «غسل أدمغتهم»، ومن هنا ظهر المصطلح لأول مرة في تلك الفترة من خلال أحد الصحفيين الأمريكيين الذي ألف كتاباً عنه. لم يستخدم الشيوعيون التعذيب الجسدي، بل كانت هذه الحيل تستهدف هزيمة الفرد نفسياً، وعزله اجتماعياً عن بيئته، بتحويلهم إلى مجموعة من الوشاة، غير قادرين على التواصل بين بعضهم البعض، وتكرار القيم الشيوعية على مسامعهم، واقناعهم بأن من جاء بهم إلى هنا هم الرأسماليون مسعرو الحرب. وبعد أن عادوا لديارهم، عاشوا منعزلين ولم يستطيعوا الانخراط في المجتمع كالسابق، وبعضهم ظل يعاني من شعور عميق بالذنب لما -يتوهم- أنه قد اقترفه، حتى وفاته. تطورت هذه الألاعيب النفسية والذهنية في وقتنا الحاضر، لتجعل الكثيرين يؤمنون ببعض الأفكار التي تناقض الواقع. فهل لاحظت بعضاً منها؟